(شبكة الرحمة الإسلامية) – رثاء شهيد الفتنة الشيخ أبي خالد السوري رحمه الله
للشيخ أيمن الظواهري حفظه الله
صادرة عن مؤسسة السحاب للإنتاج الإعلامي
جماد الثاني 1435 هـ – 04 / 2014 م
اقتباس من كلمة الشيخ عطية الله الليبي –رحمه الله- تعظيم حرمة دماء المسلمين:
ويكفي في بيان عظمة وضخامة قدر النفس المؤمنة وحرمة دم المسلم قول النبي صلى الله عليه وسلم: “لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم”.
فلتزل الدنيا ولنفن ولتفن تنظيماتنا وجماعاتنا ومشاريعنا ولا يراق على أيدينا دم مسلم بغير حق، إنها مسألة حاسمة في غاية الوضوح.
رثاء شهيد الفتنة الشيخ أبي خالد السوري رحمه الله
بسم الله والحمد والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أيها الإخوة المسلمون في كل مكان: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإني اليوم أهنئ الأمة المسلمة وأعزيها في آنٍ واحد، أما التهنئة فهي باستشهاد الشيخ البطل المهاجر المجاهد المصابر المرابط أبي خالد السوري رحمه الله رحمةً واسعة وألحقنا به غير خزايا ولا ندامى ولا مفتونين.
أما التعزية فهي في هذه الفتنة العمياء التي حلّت بأرض الشام المباركة وفي هذا الجاني المسكين المغرر به الذي دفعه من دفعه بدافع الجهل والهوى والعدوان والطمع في السلطة ليقتل شيخًا من شيوخ الجهاد أمضى عمره من ريعان شبابه مجاهدًا ومدربًا ومهاجرًا وناشرًا للحق وصابرًا على الأسر لم يتزعزع ولم يتراجع قيد أنملة على شدة ما لقي وواجه وعانى.
عرفته من أيام الجهاد ضد الروس، ومنذ أن عرفته إلى أن أسر في باكستان كان رفيق أستاذ المجاهدين الشيخ أبي مصعب السوري فك الله أسره عاجلاً قريبًا إن شاء الله.
كانت آخر رسالةٍ وصلتني منه من قرابة عشر سنوات قبيل أسره يؤيدني في كلمةٍ أخرجتها وقلت فيها: “إنما النصر صبر ساعة” ثم أسر رحمه الله فانقطعت الصلة بيننا إلى أن قامت الثورة السورية المباركة وارتفع فيها علم الجهاد والسعي لإقامة الدولة الإسلامية التي تتحاكم للشريعة وتنشر العدل وتبسط الشورى وتحرر الأقصى وسائر ديار المسلمين المحتلة وتنصر المظلومين وتتحرر من التبعية الخارجية وتطهر البلاد من الفساد الداخلي.
فيسّر الله التواصل بيننا بعد أن فرّج الله عنه ونجّاه من أسر البعثيين النصيريين، وكان لي ولإخواني نعم الناصح والمشير. وأبلغني رحمه الله أنه أمضى مع أستاذه ورفيق دربه الشيخ أبي مصعب السوري سبع سنوات في السجن إلى أن افترقا، أسأل الله أن يعجل بفرج أخينا الحبيب أبي مصعب قريبًا عاجلاً إن شاء الله.
وأخبرني رحمه الله أنه يرى في الشام بذور الفتنة التي عاصرها في بيشاور، فتنة الجهل والهوى والظلم التي تستبيح الدماء والأعراض بالدعاوى والشبه والهوى والطمع.
وهذا يذكرني بقصةٍ مضحكةٍ مبكية حدثت لي في بيشاور، وخلاصتها أني قابلت أخي الحبيب الشيخ أبا محمد المقدسي حفظه الله من كل سوء وعجل بفك أسره فقلت له إنّ هناك طائفةً تكفرني لأني لا أكفر المجاهدين الأفغان، فضحك وقال لي أنت لا تعلم إنهم يكفرونني لأني لا أكفرك.
هذا الجهل والهوى والطمع الذي لم يرع حرمة أمير المؤمنين ذي النورين عثمان بن عفان رضي الله عنه فقتله أصحاب الجهل والهوى ومصحفه في حجره، ثم لم يرعوا حرمة أمير المؤمنين أسد الله الغالب سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فطعنه أحدهم وهو يصلي الفجر.
هذه الفتنة التي رآها أبو خالد وأخذ يحذر منها شاء الله أن يكون شهيدها.
وهذه الفتنة اليوم التي لم ترع حرمةً ولا مشيخةً ولا سبقًا ولا جهادًا وهجرةً وصبرًا في الأسر ولا ثباتًا على الحق هذه الفتنة تحتاج من كل المسلمين اليوم أن يتصدوا لها وأن يشكلوا رأيًا عامًا ضدها وضد كل من لا يرضى بالتحكيم الشرعي المستقل فيها وأؤكد على المستقل فلا عبرة بتحكيم يعين أعضائه الخصوم.
وعلى كل مسلمٍ ومجاهد أن يتبرأ من كل من يأبى ذلك التحكيم.
وعلى كل مسلمٍ ومجاهد أن لا يتورط في دماء المجاهدين وعليه أن يرفض أن يفجر مقارهم ويقتل شيوخهم الذين دوخوا أكابر المجرمين وسعوا بكل طريقةٍ لقتلهم، فقام هؤلاء الجهال المتنطعون فسفكوا دمهم الحرام.
وعلى جميع المسلمين أن لا يعينوا من يفجر مقار المجاهدين ويرسل لهم السيارات المفخخة والقنابل البشرية، وأن يتوقفوا عن دعمه بأية صورة.
وعلى كل من يقع في هذه الآثام أن يتذكر أنه يحقق لأعداء الإسلام بيده ما عجزوا عن تحقيقه بكل إمكاناتهم.
إنّ قتل الشيخ المجاهد المهاجر الصابر المرابط أبي خالد السوري رحمه الله يذكرني بقتل الشيخين محمد السعيد والرجّام رحمهما الله على أيدي الجماعة الإسلامية المقاتلة بالجزائر والتي مثلت الموت المعنوي لتلك الجماعة ثم تبعه موتها المادي، والذي تورط في تلك الجريمة لن يخفى أمره وسيعرف ولو بعد حين فقد سبقه مجرمو الجماعة الإسلامية المقاتلة فأنكروا بدايةً قتلهم للشيخين محمد السعيد والرجّام رحمهما الله.
أما أنت يا أبا خالد فنستودعك ربك الرحمن الرحيم الذي نسأله أن يرحم شيبتك في الجهاد والهجرة والأسر وأن يغفر ذنبك ويعلي قدرك ولا يحرمنا أجرك وأن ينزل الصبر على أهلك وإخوانك ومحبيك وسائر أنصار الجهاد الذين هزهم فراقك.
شيخ الوغى فارحل لربك راقيًا * * درج الشهادة فائزًا مأجورا
ليثٌ يدافع عن عرينٍ غاضبًا * * متقدمًا أشباله منصورا
بدرٌ تقاصرت الدياجي دونه * * شمسٌ تغالب بالحقائق زورا
طودٌ شموخٌ طامحٌ لا ينحني * * تنبو العواصف دونه مقرورا
لم تكتسب منك النوائب هنةً * * أو تنتزع منك الخطوب فتورا
أمضيت عمرك هجرةً وتزهدًا * * ورحلت عنا بالثنا موفورا
رافقت أستاذ الجهاد المصطفى * * في هجرةٍ ومطاردًا وأسيرا
فرقيت في قمم الثغور مجاهدًا * * وربحت في قيد السجون أجورا
حتى أتتك من الجهالة غدرةٌ * * لم ترع سبقًا أو تؤد شكورا
لكنها نالت عليًا قبلكم * * عثمان أيضًا صابرًا مغدورا
هذا الذي قد كنت تحذر شره * * فكتبت منه محذرًا ونذيرا
وخشيت عقباه فقمت مناصحًا * * بنصوع رأيٍ مخلصًا ومشيرا
لله درك لا تغرك فتنةٌ * * وبأهلها في الجاهلين خبيرا
وبكل صاحب مطمعٍ متبصرًا * * وبسعيه في الغافلين بصيرا
فجنيت فضلاً صابرًا ومهاجرًا * * ومجاهدًا ومجربًا نحريرا
ومعلمًا وموجهًا ومربيًا * * بجميل فعلٍ تابعًا وأميرا
فاهنأ بنومك فالجحافل بعدكم * * منحوا الإله سواعدًا ونحورا
قد أقسموا ألا يروا بشآمكم * * إلا الشريعة فيه تشرق نورا
وتواثقوا أن يغسلوا بدمائهم * * أوطانهم فيطهروا تطهيرا
شام الرباط من الروافض إنهم * * حلف الغزاة مراحلاً وعصورا
والبعث بعث السافكين لدمنا * * في كل صقعٍ أنهرًا وبحورا
والحارسين حدود إسرائيل قد * * رضيت أباهم حافظًا ناطورا
ومن السعاة إلى المناصب دونها * * هتكوا المحارم جهرةً وفجورا
أسلافهم قتلوا الخليفة ثالثًا * * يتلو الكتاب مسالمًا وصبورا
طعنوا أبا الحسن الإمام مصليًا * * حجبت شموسًا طعنةٌ وبدورا
سيخيب في أرض الشآم حفيدهم * * وكفى بربك هاديًا ونصيرا
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ وآله وصحبه وسلم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
المصدر: المصدر: نخبة الإعلام الجهادي