بسم الله الرحمن الرحيم
مُؤسَّسَة التَّحَايَا
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ
تفريغ
«رسالة إلى أهلنا في مالي المسلمة»
للشيخ/ يحيى أبو الهمَّام
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه
أمتي المسلمة عامة، وأهلنا في مالي المسلمة خاصة:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحيةٌ مباركةٌ طيبةٌ نزفُها إليكم نيابةً عن أبنائِكم وإخوانِكم المجاهدين من ثغرِ الصحراءِ الكبرى وأزواد الأبية، التي نخوضُ على ثراها حربا ضروسًا ضدَ المحتلِ الفرنسيِ بوجهِه العقديِّ المسيحي الحاقدْ، ووجهِه العسكريِّ المتوحشْ، ووجهِه الاقتصادي الجشعْ، بتواطؤٍ علني من جيوشٍ محليةٍ رضيَتْ أن تكونَ أداةً بيدِ المحتلِ بدلَ جهادِه ودفعِه ومقاومةِ مخططاتِ تغريبِه ونهبِه، جيوشٌ ما كان لفرنسا أن تحلمَ باحتلالِ ديارِنا وقتلِ خيارِنا بين أظهرِنا لو سُخِّرَت لحمايةِ الأمةِ ومقدراتِها، ولكنها تحولتْ إلى فيالقَ من الدرجةِ الثانيةِ في جيشِ الاحتلالِ وكاسحاتِ ألغامٍ بيدِ المحتلِ يُضحي بها في الصفِّ الأولِ ليحافظَ على دمِ الجنديِّ الفرنسيِّ غالي الثمنْ.
أمتي المسلمة؛ إنَّ شرَّ فرنسا الصليبيةِ وفسادَها لم يتوقفْ في بلادِنا منذ أن وطئتْ أقدامَ أولِ جنديٍّ فرنسيٍ أرضَ الإسلامِ بشمال وغربِ إفريقيا قبلَ قرنين كاملين، رغمَ المحاولات الجهاديةِ الجريئةِ التي تكللت في النصفِ الثاني من القرنِ الماضي باستقلالٍ ولكنه كان صوريا مع الأسفْ.
عرفت فرنسا وحلفاؤُها كيف يُصيِّرون شعوبَنا المقهورةِ تحت الهيمنةِ والسيطرةِ ثقافيًا وسياسيا واقتصاديا وعسكرياً، و لا أدلَ على ذلك من بقاء اللغةِ الفرنسيةِ هي اللغة الرسمية في أغلب دويلات ما بعد الاحتلال، وسطوةِ قصرِ الإليزيه على قرارِ العواصمِ المستقلةِ شكليا، ودورِه الحاسِمِ في تعيينِ الرؤساءِ، وتبعيةِ اقتصاديات هذه البلدان الحديثةِ لاقتصادِ فرنسا ودورانِه في فلكه مع جزيةٍ مفروضةٍ على أربعة عشر دولةً افريقيةً رغمَ كونها أفقرَ دولِ العالم، كما احتفظت فرنسا بقواعدَ عسكريةٍ وامتيازاتٍ سرية تكذبُ الاستقلالَ المزعومَ وتضربُ مصداقيتَه في الصميم، ليظهرَ لكل عاقلٍ:
أنَّ صراعنا مع الغربِ الصليبي عامةً وفرنسا خاصةً لم ينته، وأنَّ حربَهم علينا لم تتوقفْ ولن تتوقف، وهي حقيقةٌ كشفها لنا القرآنُ الكريمُ قبل قرونٍ في قولِه تعالى: {وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا}، وصدَّقتها فرنسا باحتلالها الأخيرِ لأرضِ مالي الطيبة، لا لشيء إلا لأنها غاضَها وساءَها أن ترى رايةَ التوحيدِ خفاقةً فوقَ هذه الأرضِ الطيبةِ، والشريعةَ حاكمةً بين المسلمين بلا مواربة.
أمتي المسلمة؛ إن هذا الواقعَ لا يعودُ إلى قوةِ فرنسا بقدرِ ما يعودُ لقابليةِ شعوبِنا ونخبِها للاستعمارِ وفقدانِها لإرادةِ التحررِ الحقيقي من العبوديةِ لغيرِ الله الذي رضي لنا الإسلامَ دينًا، وَوَعَدَنا بالاستخلافِ في الأرضِ متى استقمنا على المنهجِ الرباني، الذي صنعَ من رعاةِ الإبلِ رعاةَ الأممِ وقادةِ الفتح، ومن قبائلَ متناحرةٍ خيرَ أمةٍ أُخرجتْ للناس، تأمرُ بالمعروفِ وتنهى عن المنكرِ وتؤمنُ بالله.
أمتي المسلمة؛ إنَّ الحلَّ اليومَ بأيدينا لا بيَدِ فرنسا ولا في الأممِ المتحدةِ إنه بين دفَّتَي المصحفِ ينتظرُ الأيدي الطاهرةَ المتوضئةَ لتنطلقَ به مرةً أخرى على خُطى الفاتحين الأوائل عقبة بنِ نافع وموسى بنِ نصير وطارق بن زياد وعبد الله بن ياسين و ويوسف بنِ تاشفين، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ}.
وقال عمرُ الفاروقُ رضي الله عنه قُبيلَ استلامِه مفاتيحَ بيتِ المقدسِ لمن جاء يأمرُه بإصلاحِ شيءٍ من هيئتِه لمقابلةِ ملوكِ النصارى: “لقد كُنا أذلةً فأعزنا اللهُ بالإسلام، ومهما ابتغينا العزةَ في غيرِ الإسلامِ أذلنا اللهُ”.
نعم إسلامُ العزةِ كما أنزل على سيدِنا محمدٍ صلى الله عليه وسلم، وتحرَّكَ به أصحابُه الكرامُ من بعدِه رضي الله عنهم، لا إسلامَ فرنسا منزوعَ العزةِ ومهدومَ الولاءِ والبراءِ.
أمتي المسلمة؛ إنَّ معركتَنا اليومَ في مالي هي جزءُ من معركةِ الإسلامِ مع منظومةِ الكفرِ العالمي، معركةً شاملةً لا تقبلُ التجزئة.
فيا فرسانَ الإسلامِ؛ كونوا يدًا واحدةً على من سواكم، تراحموا ولا تزاحموا، وتعاونوا ولا تنافروا، وتقاربوا ولا تدابروا، لأنكم تدفعون عن أمةٍ واحدةٍ تريدون استعادةَ مجدِها وعزِّها، واحذروا العجبَ والغرورَ أن يجرفَكم لغُلوٍّ تستبيحون معه دماءَ المسلمين فتكونوا وبالا على الإسلامِ من حيثُ تظنون نصرةَ التوحيدِ وأهلِه، كما نحذرُكم من حبِّ الدنيا أو طمعٍ يحولُكم لأداةٍ بيدِ حكومات العمالةِ في المنطقة، تقتلُ بكم أحرارَ هذه الأمة، وتقتلُ معهم حلمَها في عودةِ الشريعةِ حاكمةً لا محكومةً وقاهرةً لا مقهورة.
ولا يفوتُنا في هذا المقام؛ إبراقَ تحيةِ حبٍ وولاءٍ لأهلِ الوفاءِ في خراسان والقوقاز وشبه القارة الهندية والشامَ واليمنَ والصومالَ وفلسطين وليبيا وتونس والجزائر، الباقين على العهدِ، الثابتين على الدربِ، لم يضرهم من خالفَهم ولا من خذَلهم، ونخصُ بالذكرِ شيخَنا وأميرَنا حكيمَ الأمةِ الدكتورَ أيمنَ الظواهري، وأميرَ المؤمنين مولوي هيبة الله حفظهما الله.
أمَّا عبادُ الصليبِ ونخصُ الفرنسيس والأمريكان؛ فنقولُ لهم:
الآن جاءَ القتالُ، وبدأَ النزالُ، لن نسكتَ عن احتلالِ أرضِنا، وفَرْضِ مناهجِكم في مدارسِنا وجامعاتِنا، ونهبِ خيراتِنا وتجويعِ أطفالِنا، حتى تخرُجَ جميعَ جيوشِكم من بلادِنا، كلِ بلادِنا، بدءا من فلسطين وانتهاءً بأزواد.
{وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ}، والحمد لله رب العالمين.