(شبكة الرحمة الإسلامية) – بسم الله الرحمن الرحيم
لا يوجد فاهمٌ لدينه، عالم بشرعه، حريص على الجهاد والمجاهدين، شفوق بالإسلام والمسلمين، يرضى بشق الجهاد أو شرذمة المجاهدين، أو يخاصم بين دعوة التوحيد وبين القتال في سبيلها، أو يفصم شيئا من ذلك عن الجهاد، أو يقسم أنصار التوحيد وأتباع الدعوة إلى أتباع فلان وأتباع علان، بل هؤلاء من أجهل الخلق وأشدهم ضررا على الدعوة والجهاد، يقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويرغبون بأن يبقى أنصار الدين شيعاً وأحزاباً، ولا تكفيهم رابطة التوحيد الجامعة المانعة !!
من لم يكن يكفيه ذان – فلا كفاه الله شر حوادث الأزمان
من لم يكن يشفيه ذان – فلا شفاه الله في قلب ولا أبدان
من لم يكن يغنيه ذان – رماه الله رب العرش بالإقلال والحرمان
وهؤلاء لا يمكن أن يكونوا من أنصار الجهاد ولا من أحبابه الصادقين ،بل هم كتلك المرأة الدعية الكاذبة الظالمة التي فرطت بابنها، ثم رضيت بشق ابن لا تمت إليه بصلة، ادعت أنه ابنها، ولو كانت صادقة في دعواها لأشفقت عليه وأبت أن يشق أو يمزق أو تشتت أشلاؤه، ولقبلت بأن تنفى عنه وتوصم بأنها ليست أمه، وأنها لا يهمها أمره، وأنه لا يمت إليها أو تمت إليه بصلة، كما فعلت أمه الحقيقية الرؤوف الرحيمة، على أن ترضى بشقه وتمزيقه وشرذمته، لا شك أن قارئي يعرف المثل الذي أومئ إليه وأستند عليه وهو الحديث الذي رواه البخاري في صحيحه (في كتاب الفرائض) باب (إذا ادعت المرأة ابنا) في قصة سليمان والمرأتين المختصمتين في ولد بعد أن ذهب الذئب بولد إحداهما.
أكتب هذا بعدما بلغني أن بعض الناس يصرون على تقمص دور الأم الدعية، ويمثلون دور النائحة الكاذبة، ولو صدقوا في نوحهم على حال الأمة وتكالب الأعداء عليها وعلى دينها وأرقهم حال جهادها وتألبهم عليه ما ارتضوا لأنفسهم مثل هذا الدور، بل لكانوا من ((الَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الْحِسَابِ)) ، فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا، ونقول توضيحا لموقفنا من فصائل المجاهدين في سوريا ونصحا لمن يهمه أمر الجهاد :
نحن نوالي ونناصر كل من رفع راية التوحيد من إخواننا المجاهدين في سوريا، وكل من جاهد في سبيل نصرتها وتمكينها، دون التفريق بين فصيل وفصيل، وفي مقدمتهم إخواننا في جبهة النصرة وإخواننا في دولة العراق والشام، ولا نرضى أن تفرق فصائل المجاهدين، ويؤلمنا ذلك وندعوهم إلى التوحد تحت راية التوحيد وتحت أمير واحد، فإن تعسر ذلك فليس أقل من أن يتوحدوا تحت ظل مجلس شورى يجمعهم ويوحد كلمتهم، ولا نرضى لهم بأقل من ذلك، بل ونتمنى أن يجمع معهم كل فصيل يتوافق معهم في الأصول، ولا بد من إبراز وتصدير إخواننا من أهل سوريا في الواجهة وأهم المفاصل، وذلك لأننا وكل عاقل يعلم أن المعركة الشرسة التي يخوضونها اليوم في سوريا لا يمكن أن تحسم بالتشرذم أو من قبل فصيل واحد، وكيف يرضون أن يبقوا متفرقين مقابل توحد قوى الكفر باختلاف ألوانها عليهم، الباطنية منها والصليبية والأنظمة العربية المرتدة، فكل هؤلاء يتآمرون عليهم وقد تكالبوا وتألبوا على رايتهم وجهادهم، فلا يليق بهم في مقابل هذا التكالب والتألب إلا وحدة صف، تذيب الخلاف وتستعلي على حظوظ النفس وتقدم مصلحة الجهاد الكلية على بعض المصالح المرجوحة أو الجزئية التي تتحقق سريعا بعد النصر والتمكين، ففي التوحد إغاظة للكفار وإقرار لعيون الموحدين وتقوية لصف المجاهدين قال تعالى: ((إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ)) .
– ونذكرهم إلى ضرورة مراعاة سياسة النبي صلى الله عليه وسلم الشرعية خصوصاً في بدايات الدولة وقبل قوة المسلمين في المدينة، حيث راعى التحالفات الموجودة، ودخل في عهود حتى مع اليهود، ولم ينقضها حتى قويت الدولة ونكثوا، كما لم يبادر إلى الصدام بالمنافقين مع ما كان يصله منهم من أذى، فيترك هؤلاء ويؤجل هؤلاء إلى حين قوة المسلمين، ويصفح ويُعرض عن آخرين حتى لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، وراعى حداثة عهد الناس بالإسلام.
– ونذكرهم بمراعاته صلى الله عليه وسلم للسنن الكونية والأسباب، والنظر في حسابات القوة والإستضعاف، وقلة الشوكة وضعف العزة وقوتها، مع أنه سيد المتوكلين والصابرين والموقنين.
– ومراعاة حداثة عهد الناس بالجاهلية، وعدم رسوخ الإسلام في قلوب كثير منهم، وذلك من الإعتبارات التي رعاها صلى الله عليه وسلم، فإنه وإن أذاب الأكثرية في مسمى المهاجرين والأنصار، لكنه لم يصادم أو يغفل ما استقر في قلوب الناس من تقديم وجوههم ومراعاة ساداتهم، ومشاورة عقلائهم في النوازل، والسيرة شاهدة بذلك زاخرة به، فمن أراد حرق المراحل والتعجل بتذويب مثل هذه الإعتبارات والقفز عنها فقد تعجل الشيء قبل أوانه، ولم يراع السياسة النبوية، وسيحصد تشتيتا لدائرة الصراع، وفتحا لجبهات عديدة في وقت واحد، وليس ذلك من سياسة النبي صلى الله عليه وسلم.
– ولذلك فنحن نحب للجهاد في سوريا أن يصدر في قيادته ويبرز في واجهته إخواننا الموحدين من أهل البلد نفسها، ونرى في ذلك مصلحة قد وجهنا إليها إخواننا المجاهدين في شتى الساحات، ولا يعجبنا إهمال ذلك بدعوى أن في هذا ربط للجهاد بتقسيمات سايكس بيكو الجاهلية، فلسنا نربطها بشيء من ذلك بل نربطها بكتاب الله الذي راعى ذلك في الأنبياء، فمراعاتها في غيرهم من باب أولى، وكذلك نربطها بالسياسة النبوية التي راعت ذلك ولم تهمله في كثير من الوقائع .
– وأذكر بضرورة التنبه إلى الفرق الواضح بين إمارة الحرب والجهاد أو الإمارات قبل التمكين، وبين إمارة المؤمنين والدولة الممكنة فضلا عن الخلافة، فالتعامل بالمسمى والحجم الحقيقي والتوصيف الشرعي الواقعي يضع الأمور في نصابها، ولا يرتب عليها ما لا يجب أن يترتب أو يحملها ما لا تحتمل .
– هذا وأدعو إخواننا المسلمين عامة، وأنصار الدين خاصة، لنصرة راية التوحيد في سوريا، وأن يتبصروا بمكائد الأعداء والحكام الطواغيت الذين يمكرون بالجهاد ويسعون لتشويه الجهاد والمجاهدين، فحذار من تصديق الحكام الكفرة في كذبهم أو إعانتهم على باطلهم .
– كما أدعو إخواني من طلبة العلم خاصة إلى نصرة هذه الراية المباركة والذب عنها والإعانة على توحيد فصائلها، لا على شرذمتها بالتعصب أو التحزب لبعضها، فالمتحيز لا يميز، وليعلموا أن إخوانهم المجاهدين يستنفرونهم ويطلبون نصرتهم، وقد كرروا علي أن أذكركم بذلك، فهم بحاجة إلى نصرة طلبة العلم بالذات؛ بالسنان واللسان، وبالخناجر والحناجر ((يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا أَنْصَارَ اللَّهِ)).
أكتب هذا نصرة لراية التوحيد، ونصحا للجهاد والمجاهدين، وتلبية لرغبتهم وطلبهم مني المناصحة، ولو لم يطلبوا فهو واجب علي، فكيف وقد طلبوا ذلك وأبلغوني بأنهم يهتمون بنصائحي ولا يهملون توجيهاتي بل ويدرسون كتاباتي لجندهم.
فأسأل الله تعالى أن يتقبل منا ومنهم، وأن يوحد صفوف المجاهدين، ويعز راية التوحيد وينكس رايات الشرك والتنديد، وأن ينصرنا على عدونا ويمنحنا أكتافهم ويمكننا من رقابهم .
وكتب خادم المجاهدين
أبو محمد المقدسي فكَّ الله أسره
1 محرم 1435هـ
(tawhed.ws/arrahmah.com)