(شبكة الرحمة الإسلامية) – لماذا نتكلم عن إعلان الخلافة؟
لا بد أن يفهم الاندفاعيون العاطفيون لماذا نتكلم عن إعلان الخلافة.
لو كان الإعلان سيتبعه مواجهة تنقض أركان النظام الدولي وأذنابه من أنظمة العمالة في المنطقة لما كلفنا أنفسنا ببيان أن ما قام ليس خلافة، ولانشغلنا عن الموضوع بأُخريات أولى منه.
فبلاد المسلمين في حالة من الذل والهوان والتعاسة والانحطاط والتعرض لعربدة الكفار واحتقار كرامة المسلم…قد نزلت في ذلك إلى درك ليس دونه قعر !
فإن جاء من يشغل النظام العالمي وأذنابه عن التمتع بإذلال الشعوب المسلمة فلن نعيق طريقه وإن كان ظالما، ولتُقطع حناجرنا قبل أن نستخدم يوما لتثبيت عروش الطغاة بدعوى أنهم أهون من غيرهم! بل نسأل الله لهم الفناء يوم لا تبكي عليهم أرض ولا سماء!
لكننا نتكلم عن هذا الإعلان عندما يُبنى عليه نتائج باطلة، لا تزيدنا عن النصر المنشود إلا بعدا. فلزم بيان بطلان الأصل الذي بنيت عليه هذه الفروع والنتائج الباطلة. وسنذكر هنا اثنتين من هذه النتائج التي أعلنت صراحة أو أُطْلِقَت إطلاقات تفتح المجال لها:
أولا: إبطال الجماعات والتنظيمات القائمة على ثغور جهاد وإلزامها بطاعة من ادُّعِيَت له إمارة المؤمنين. وهو ما سيستجيب له من يرونها خلافة ويمتنع منه من يعلمون أنها ليست بخلافة، وهذا يعني شق الصف في الساحات الجهادية وإضعافها بدعوى باطلة، وليس جمع الكلمة كما يتوهم المفتونون بالشعارات.
ثانيا: التنزيل الخطير لنصوص نبوية في غير محلها، مثل ((من أتاكم وأمركُم جميعٌ على رجلٍ واحدٍ، يريدُ أن يشقُّ عصاكُم أو يفرقَ جماعتكُم فاقتلوهُ)) (مسلم).
والجماعة هنا هي الأمة. ففي الحديث الصحيح أيضا: ((مَنْ خرجَ علَى أُمَّتِي وهم جميعٌ فاقتُلُوهُ كائنًا مَنْ كانَ)) (صحيح).
فكأن بعض ضعاف العقول يدعون أن أمر الأمة قد اجتمع على من ادعيت الخلافة له وأنها آلت إليه بشكل شرعي، ثم رتب عليها مشروعية قتل من شق الصف! وما تعريف شق الصف في هذه الحالة؟ متروك لاجتهاد كل أحد. والضوء الأخضر معطى بفلق هامه بالرصاص واستخراج ما فيه ولا كرامة!! بإطلاقات حماسية عاطفية تصير بيئة خصبة للتطبيقات الشائهة.
ففي “اجتهاد” بعض الجهال سيكون من رأى هذه الجماعة على غير هدى فأراد تركها شاقا للصف. وإذا بايع بعض أفراد في منطقة ولم يبايع آخرون فهؤلاء الممتنعون شاقون للصف! بل وبمجرد نشر مقال تأصيلي عن الخلافة بدأ البعض يلوح لي بحديث فاقتلوه كائنا من كان لأني بمقالي أشق الصف حسب فهمه المريض!!
إشكاليات مركبة! إشكالية في ترك تعريف شق الصف مفتوحا وترتيب القتل عليه، بُنِيت على إشكالية في ادعاء استحقاقات الخلافة التي لا يستحقها إلا من آلت إليه الخلافة بشكل شرعي كما سنبين بإذن الله.
فكيف إذا انضم إلى ذلك التركيز في الإعلان على “الصحوات” و”المرتدين” بمفهومهما الفضفاض جدا أيضا؟! وإلا لو انحصر الحديث في مواجهة النظام الدولي وعملائه لما تكلمنا ولقلنا: فلتأخذ الخلافة الـمُدعاة فرصتها بل وجب إعانتها.
الآلة الإعلامية الغربية تتناقل كلمة الخلافة مقرونة بمن أعلنها، وتسعى لإلصاق الممارسات الخاطئة بمفهوم الخلافة ذاته تشويها له. والذين يصدقون اليوم أن خلافة قامت سينتكس كثير منهم غدا إن لم ينجح هذا النموذج. قد لا يدركون حينها أن الإخفاق كان نتيجة ادعاء غير صحيح بني عليه استمرار في ممارسات ظالمة أبعدت عن الخلافة الحقيقية، بل قد تهتز لديهم القناعة بالخلافة ذاتها وبمفاهيم الشريعة والحكم الإسلامي.
لذا إخوتي فالأمر دين وليست عواطف ندغدغها. وقد أعلنت دولة من قبل، فسكت الفضلاء على اعتبار أن هذا إعلان يرفع المعنويات ويرهب العدو، فإذا به يبنى عليه ظلم للقريب وشماتة من العدو. فما يسوء الجماعة المعلنة لهذا الإعلان لو حكمت بشرع الله وتحرت العدل فيما سيطرت عليه من البلاد وردت المظالم وجاهدت من يليها من الكفار حقا؟ ما يسوؤها لو تركت غيرها يجاهدون ويقومون على الثغور ولم تلزمهم بما ليس لها، وتضرب رأس الأفعى ولا تنشغل عنه بمن تسميهم صحوات أو شاقي الصف؟ فإن فعلت لأعانت بذلك على أن تصير للمسلمين خلافة حقا.
هذا سبب الحديث في الموضوع. وإلا فلسنا معنيين أبدا بإحباط أي سعي نحو عزة الأمة وتمكينها وجهاد عدوها. وإنما ننصح فيما نراه يحرف عن هذا الهدف إلى ضده.
اللهم ألف بين قلوب المسلمين واستعملنا في إحياء خلافة على منهاج نبوة.
د. إياد قنيبي – حفظه الله
2014-07-14 م
المصدر: منبر التوحيد و الجهاد