الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه ثم أما بعد :
فإنه بات لا يخفى على أحد من الناس أن العالم لم يجتمع على حرب أحد في واقعنا المعاصر كما اجتمع على حرب القاعدة فقد تحالف لحربها عشرات الدول غربيها وشرقيها في تحالف لم يشهد التاريخ له مثيلا وقد يتبادر لذهن البعض غزوات سبتمبر المبارك ضد هبل العصر أمريكا فيقولون : من الطبيعي أن ترد أمريكا على من غزاها في عقر دارها وأهانها وكسر هيبتها أمام العالم أجمع , لكن القائل بذلك نسي ولربما تناسى أنه إن كان من الطبيعي أن ترد أمريكا على من حطم صنمها فلماذا شاركت غالبية دول العالم أمريكا في حربها على القاعدة ؟
وقد يأتي الجواب سريعاً : إن أمريكا شكلت حلفها لحرب القاعدة من خلال أمرين :
الأول : نفوذها وسطوتها على دول العالم بحيث ألزمت الكثير من الدول على مشاركتها الحرب وشعارها من لم يكن معنا اليوم فهو ضدنا.
الثاني : قدرة أمريكا على إقناع العالم بأن خطر القاعدة سيهدد العالم بأسره فمن ضرب أمريكا اليوم سيضرب بريطانيا غداً وفرنسا بعد غد والقائمة ستتوالى .
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا :
ما هي الأسباب الحقيقة لاجتماع الكفر والنفاق العالمي على حرب القاعدة ؟
لا شك بأن لنفوذ أمريكا وسطوتها على دول العالم وقدرتها على إقناعهم بخطر القاعدة دور في تشكيل أكبر حلف عرفه التاريخ لكن الحقيقة التي لم يستطع بوش الأرعن إخفاءها بأن الحرب على القاعدة وما سماه بالإرهاب يمثل حرباً صليبية جديدة ورغم محاولات البعض الترقيع لكلام الأرعن والقول إنها مجرد زلة لسان إلا إن الواقع على الأرض منذ بدء الحرب على القاعدة وحتى اليوم يثبت بالدليل القاطع أن الدافع الحقيقي من جمع كل ذلك الحلف لحرب القاعدة يتمثل بالرعب الذي دب في قلب أمريكا وحلفائها من عودة الإسلام الحقيقي الذي يخشونه والذي يعيد العزة والكرامة لأمة الإسلام والتي أصبحت مستذلة للصغير والكبير بعد أن سلط الكفر عليها طواغيت هدفهم الأول إبعاد الأمة عن كل ما يمت لدينها بصلة لذلك صدق بوش وهو كذوب حين صرح بأنها حرب صليبية وإليكم بعضا من الدلائل التي تؤكد هذه الحقيقة :
أولاً : سرعة أمريكا في حشد أكبر تحالف عرفه التاريخ لحرب المجاهدين رغم أنهم ليسوا دولة كبرى ولا يملكون أسلحة ذرية و لا حتى طائرة عسكرية واحدة فهل كان يحتاج قتال القاعدة لكل هذا التحالف ؟! أم إن الخوف من المشروع الذي تحمله القاعدة يشكل خطورة بالغة على دول الكفر والنفاق كلها مما استدعى جمع كل هذا الحلف لاستئصالهم وقتل مشروعهم وهو في مهده ؟!
ثانياً : تصميم أمريكا وحلفائها على استئصال القاعدة وقتل قادتها والإعلان المتكرر أن لا تفاوض مع (الإرهابيين) فلا لغة سوى القتل وقد شاهد العالم حجم الحملة العسكرية ضد القاعدة والطالبان لدرجة أن القصف الأمريكي بالقاذفات الاستراتيجية على تورا بورا وحدها عادل ولربما زاد عن حجم قنبلة نووية في الوقت الذي نرى فيه أمريكا تغض الطرف عن تحركات قيادات محسوبة على قائمة( الإرهاب الأمريكية المزعومة) فلماذا تعمل أقمار أمريكا الصناعية وجواسيس ومخابرات عشرات الدول للبحث عن قيادات القاعدة لقتلهم أو أسرهم بدعوى الإرهاب في الوقت الذي يتحرك فيه زعيم حزب الشيطان الإيراني حسن نصر اللات في جولات مكوكية بين لبنان وسوريا وإيران دون رقيب أو حسيب من الكفر العالمي رغم إعلانه العداء لإسرائيل ورغم كونه وحزبه على قائمة الإرهاب الأمريكية ؟! وهاكم الحوثيين في اليمن ورغم إعلانهم العداء لأمريكا وشعارهم الموت لأمريكا والموت لإسرائيل ثم وقوع صدامات متعددة بينهم وبين نظام وكيل أمريكا وعميلها علي صالح وعبد العزيز آل سعود إلا إننا لم نر طائرة أمريكية تلاحق حوثياً واحدا وتقتله! لكن طائرات تجسسها لا تفارق سماء اليمن وهي تترصد قادة القاعدة لتقتلهم على مرأى ومسمع العالم كله والكل يذكر الشيخ أبا علي الحارثي رحمه الله الذي استهدفته الطائرات الأمريكية داخل اليمن وهو ما جرى أيضا للشيخ أنور العولقي رحمه الله وغيرهم من قيادات القاعدة فلماذا هذه الازدواجية في التعاطي ؟! إن السبب معروف لمن عنده مسكة عقل وينحصر في الرعب من القاعدة ومشروعها العظيم الذي يمثل مشروع أمة الإسلام ومشروع عزتها وكرامتها .
ثالثاً : الضخ الإعلامي اللامحدود لإقناع الناس بأن القاعدة تنظيم إرهابي لا هم له سوى قتل الناس فلجأ الأمريكان وأذنابهم لسياسة تفجير الأسواق والجامعات وإلصاق التهمة بالقاعدة وتركت إيصال رسالتها المنحطة للإعلام المنحط المأجور ولسدنة الطواغيت من العمائم الباعورائية التي باعت دينها وشرفها بثمن بخس فلم نر حشدا وجهدا إعلاميا لحرب أحد كما شاهدناه في حرب الكفر العالمي للقاعدة بغية إبعاد الأمة عن المجاهدين وقطع الصلة بينها وبين أبنائها المخلصين فوصل الأمر بالعمائم الباعورائية للإفتاء بجواز قتال المسلم في الجيش الأمريكي للقاعدة والطالبان .!
ولكن الله جل جلاله المعز المذل يعز عباده الصادقين الصالحين وبذل أعداء دينه مهما علت قوتهم في الأرض فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده الصالحين فقد نكأ الله جل جلاله الكفر والنفاق بالقاعدة ومن ناصرها وما أقلهم يومذاك وما هي إلا سنوات قليلات وإذا بالقاعدة التي كان الحديث عنها قبل وقت يسير يقتصر على عبارة فلول القاعدة والطالبان يذيقون أمريكا وحلفاءها طعم الهزيمة فجرعوها العلقم بفضل الله لتتجلى عبقرية القاعدة وعبقرية قادتها بتوفيق الله جل جلاله لهم فإذا بالقاعدة وبدلا من أن تنحسر وتُستأصل رأيناها تتمدد وتتوسع في كل بقاع الأرض وعاد الحديث عن القاعدة وتهديدها لكل من اعتدى على الأمة ليتفاجأ العالم ببدء انفراط عقد التحالف المجرم بخروج القوات الإسبانية من العراق ذليلة مستهانة لتلحق بها باقي الدول تباعا وليدأ الحديث الأمريكي قبل غيره عن خسارة الحرب على الإرهاب في كل من أفغانستان والعراق وإذا بالقاعدة الطريدة قبل سنوات والتي كان قد انحصر تواجدها في أفغانستان قد فرخت في العراق وأوروبا وجزيرة العرب وبلاد الشام والصومال والمغرب الإسلامي وما كان ذلك ليكون لولا فضل الله الذي فضله على عباده المجاهدين بفضل صبرهم وثباتهم على الحق في الوقت الذي تنازل فيه أكثر الناس عن مبادئهم فبرغم كل ما واجهته القاعدة وإخوانهم الطالبان من جراحات إلا إنهم بقوا ثابتين على أمر الله ولم يثنهم عن جهاد أعداء الملة كثرة المثبطين ولا قلة الناصرين لأنهم وعوا سنة الله بالنصر والتمكين لعباده الصادقين الصالحين وبرغم ارتقاء عدد كبير من قيادات القاعدة شهداء نحسبهم إلا إن قافلة الخير القاعدية ظلت مبحرة نحو تحقيق مشروع الأمة وما زالت وهو الأمر الذي نكأ الأمريكان وكل من حالفهم فقد شاهد العالم ردة فعل الأمريكيين على مقتل الشيخ أسامة رحمه الله والتي جاءت باهتة جدا ولم يخرج للاحتفال بمقتله سوى عشرات من حثالات أمريكا إذ استفاق الشعب الأمريكي على حقيقة مفادها أن قتل قيادات القاعدة لا تفت بعضد القاعدة فكلما ترجل منها قائد شهيد خلفه قائد يماثله رجولة وشجاعة إن لم يزد عنه فقد تعلموا الدرس منذ استشهاد الزرقاوي رحمه الله إذ ظن أغبياء أمريكا يومها أن مشروع الجهاد في العراق سيموت بموت الزرقاوي فإذا بالمشروع الجهادي يزداد قوة واشتعالا والأمر ذاته في أفغانستان إذ اضطر الأمريكان لطلب التفاوض مع الطالبان لا بشروط أمريكا بل بشروط الطالبان رغم قتلهم للشيخ أسامة رحمه الله فهل نسي الأمريكان وعدهم لشعبهم أن لا تفاوض مع القاعدة والطالبان ؟!!!
بقيت قضية لا بد من تجليتها هنا وهي أن البعض قد يزعم بأن أمريكا جاءت للمنطقة لسرقة نفط الأمة وسرقة مقدراتها والحجة كانت قتال القاعدة فأقول بعون الله تعالى :
أولاً : إن أمريكا لم تكن بحاجة لحرب القاعدة لتسرق مقدرات الأمة ونفطها فمقدرات الأمة ونفطها كان يذهب لأمريكا على طبق من ذهب بعمالة طواغيت المنطقة وبخاصة حكام الخليج .
ثانياً : إن أمريكا لم تكن بحاجة لقتل جنودها وكسر هيبتها واستنزاف ميزانيتها من أجل سرقة مقدرات الأمة ما دام وكلاؤها في المنطقة يسجدون لها رغم أنها تأمرهم بالركوع فقط .
ثالثاً : لا مانع من أن تكون للحرب أهداف جانبية أخرى يسعى الكفر لتحقيقها لكن ذلك لا يتقدم على الهدف الأول المتمثل بالقضاء على صحوة الأمة ومشروعها الجهادي القادم بقوة .
ويبقى السؤال المهم الذي يجب أن يسأله لنفسه كل فرد في أمتنا :
لماذا كل هذا الإصرار من الكفر العالمي وأذنابه على حرب القاعدة وقتل قادتها ؟
ومن الذي جعله الله سبباً لهزيمة أمريكا وتمزق ملكها وتفكك حلفها ؟!
ومن الذي وفق القاعدة لمزيد من التوسع والتمدد بعد أن كانت (فلولا مطاردة )على حد قول المجرمين من الكفر وأذنابه ؟
إن أجابت الأمة بصدق على هذه الأسئلة فستعي حقيقة الإسلام وحقيقة مشروع القاعدة المبارك وستسعى جاهدة لنصرة المجاهدين ونصرة مشروعهم الذي حقيقته مشروع الأمة إن أرادت لنفسها ولدينها العزة في الدنيا والآخرة فقوام الدين بكتاب يهدي وسيف ينصر فالتمكين من الله تعالى لا يتأتى للذين جعلوا جهادهم على أبواب صناديق الانتخابات الشركية بل يتأتى للذين جعلوا جهادهم لتحكيم شرع رب البرية .
اللهم مكن لعبادك المجاهدين الصادقين في كل مكان
اللهم سدد رأيهم وصوب رميهم واجمع على الحق كلمتهم
اللهم أبرم لأمتنا إبرام رشد يعز فيه أهل الطاعة ويذل فيه أهل المعصية ويحكم فيه بالكتاب والسنة
والحمد لله رب العالمين .
وكتبه / ناصر القاعدة