(شبكة الرحمة الإسلامية) – كم تعب العقلاء وهم يقولون للناس بأن المكر الغربي العربي اليهودي الفارسي الشيوعي البوذي اجتمع في سوريا ، فتلاعب بها هؤلاء ،كلٌّ يسحب من جهته لصالحه ، والثوار في سوريا يناشدون الأعداء وأصحاب المصالح لينقذوهم ممن اجتمعت مصلحته بهؤلاء الأعداء ، فيا عجباً لورثة بني أميّة كيف غاب عنهم رأيهم !!
غريب أن تسمع بنبذ الطائفية من بعض العناصر السورية !! هل الحرب الدائرة الآن في سوريا غير طائفية ؟ لو لم تكن طائفية لما انبرت لها إيران ، ولا تهافت عليها حزب اللات ورافضة العراق ، إيران أمدّت النصيرية بأربعة آلاف جندي في حلب وحدها ، ولا زال البعض يقول بأنها ليست طائفية !! جنود “حزب الّلات” اللبناني في دمشق وحمص ودرعا وحلب بعتادهم يقتلون المسلمين ، وهذا الحزب الخبيث ظهرٌ للنصيرية في لبنان كما الرافضة سندٌ لهم في العراق يمدونهم بالرجال الذين رأينا بعضهم أسرى في يد الجيش السوري الحر .. من هم الشبّيحة الذين يذبحون الأطفال ويهتكون الأعراض ؟ أليسوا نصيريّة !!
لعنا نصحح للبعض أمراً يغيب عنهم ، وهو : أن هذه الحرب لا يُقال عنها طائفية ، فالنصيرية ليسوا من طوائف المسلمين ، بل دينهم غير دين الإسلام ، فالحرب هذه دينية : بين دين النُّصيريّة وبين الدين الإسلامي ، ولن تجد مثل هذا القتل وهذا الإجرام إلا فيمن ملأ الشيطان قلبه حقداً وغلاً على الإسلام وأهله ، وهذا ما نراه في ميانمار وفي فلسطين والشيشان والبوسنة وكوسوفو ، ورأيناه في ليبيا وكشمير والعراق والصومال وغيرها من بلاد الإسلام التي ترزح تحت الإحتلال الكافر الذي جاء وصفه في القرآن دقيقاً ، في قوله تعالى {كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ} (التوبة : 8) ، قال ابن كثير في تفسيره “لو ظهروا على المسلمين وأُديلوا عليهم لم يُبقوا ولم يَذَروا ولا راقبوا فيهم إلاً ولا ذمة” (انتهى) ، فهذا القتل للشباب المسلم في سوريا ليس بدعاً من العمل ، بل هو أصل فعل الكفار إذا تمكنوا من المسلمين ، ألم ينقل الله لنا تقرير الفتية أصحاب الكهف – رحمهم الله – في شأن الكفار {إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ وَلَنْ تُفْلِحُوا إِذًا أَبَدًا} (الكهف : 20) ، فهؤلاء النصيريّة والبوذيين والنصارى والهندوس واليهود لما ظهروا على المسلمين بقوتهم : أعملوا فيهم السيف والقهر ليتركوا دينهم ويكونوا على دين الظلمة ، فإما القتل وإما الكفر ، وهذا منطق أعداء الدين على مر التأريخ ..
ما يحدث في سوريا حرب قديمة قدم البشريّة ، وهي حرب باقية إلى قبل قيام الساعة ، وهي سجال بين أهل الحق والباطل ، ولا يظنّن ظانّ أن النّصيرية وحدهم من يقتل المسلمين في سوريا ، فهم أحقر من أن يواجهوا المسلمين بأنفسهم ، ولكن اجتمعت النصيرية والرافضية والشيوعية والنصرانية واليهودية في سوريا لقتل المسلمين ، والمسلمون في بقيّة الأرض صاموا عن الجهاد في سبيل الله في شهر الجهاد ..
من كان يظن أن الدول الغربية تقف متفرّجة في هذه الحرب فهو واهم ، فالدول الغربية – بلا استثناء – تساند النصيريّة ، فالنّصيرية : ربيبة فرنسا ، وحبيبة بريطانيا ، وحليفة أمريكا بما تساهم في حفظ حدود يهود ، والغريب أن الصينيون والروس أيظا يساندون النصيريّة في هذه الحرب ، وقد توافقوا مع منافسيهم الغربيون في هدف يعمل الجميع من أجله ، وهو : إبقاء النصيرية في سدة الحكم !!
إن بقاء النصيرية في سوريا مطلب ملح للإدراة الأمريكية خاصة ، والغربية عامة ، وذلك أن النصيرية ما زالوا يحرسون الحدود الفلسطينية ويمنعون أهل الشام من الجهاد فيها ، وقد نجح النصيريّة في إلجام وتحجيم دور الحركات الفلسطينية ورميهم في أحضان إيران وإقناعهم بترك العمل العسكري ، فالنصيرية أفضل من عمِل لصالح اليهود في فلسطين ، وهذا ما يريده الغرب النصراني ، ولن يجد النصارى الغربيون أفضل من النصيرية لأداء هذا الدور الكبير في خدمة يهود ..
وفي إطالة أمد الحرب : تدمير للبنى التحتية في الشام ، وهذا ما يسيل له لعاب شركات الإعمار الغربية التي تجأر إلى شياطينها أن لا يسقط النصيرية حتى يدمّروا سوريا بالكامل فيحصلوا على فرص عقود إعادة الإعمار التي ربما تُنقذ شركاتهم من الإفلاس .. وفي إطالة أمد الحرب : ضغط على المقاومة السورية التي تريد التخلّص من الحرب بسبب كثرة القتلى ، فالدول الغربية تريد أن تملي رغباتها على السوريين ، وهذا يحصل لها بكثرة القتل والتدمير الذي يحصل لهم ، فكلما طال أمد الحرب كلما كانت فرصة الغرب أفضل للضغط على السوريين ، وربما يكون بإخراج “الأسرة النصيرية الحاكمة” معزّزة مكرّمة ، ثم زرع من يرضون من العملاء ، فيعود أهل الشام من حيث بدؤوا ، وهذا هو عين ما يدندنون حوله الآن من “التنحي السلمي عن السلطة” أو “التجربة اليمنيّة” ..
أما الروس فعندهم قواعد عسكرية في سوريا ، وهم لا يريدون التضحية بهذه القواعد والخروج منها ، خاصة وأن “بوتين” رجل طموح يريد إعادة دور الإتحاد السوفييتي السابق في روسيا ، ولا بد له من قواعد عسكرية قريبة من الغرب ومن منابع النفط ، فسوريا تمثل موقعاً استراتيجياً هاماً على البحر المتوسط ..
وأما الصين فهي بلاد تجارية بالدرجة الأولى ، والحكومة النصيرية أعطت الصين امتيازات تجارية كثيرة في سوريا ، وستخسر الصين كل هذا إن سقط النصيرية ، وهي لا تريد أن يسيطر الغرب على سوريا كما سيطروا على جميع الدول المحيطة بها ، فهي أيظا تريد حليفاً استراتيجياً في المنطقة ..
أما الدول العربية فيهمها جداً إطالة أمد الحرب في سوريا لأسباب عدّة ، منها :
أن في بقاء هذا القتل والدمار تخويف لشعوبها التي بدأت تتململ : فهذا القتل يخيف الناس ويجعلهم يحسبون لأي ثورة جديدة حسابات كثيرة !! هذا ما تتوهّمه هذه الحكومات التي لا تدري بأن الشعوب تستشيط غضباً من تلكؤها في الشأن السوري ، وأنها ربما تنقض عليها فور إعلان النصر في سوريا – بإذن الله – أو ربما قبل ذلك ..
ومنها أن البلاد العربية تريد التخلّص من بعض أفرادها فتسمح لهم بالدخول إلى سوريا ليموتوا فيها ، وقد دخل بعض الشباب المجاهد من الدول العربية تلبية لنداء القرآن {وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} (التوبة : 72) ، ونحن نسأل الله تعالى أن يكونوا كما قال سبحانه {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} (الأنفال : 30) ..
ومنها إظهار التفاعل مع القضية السورية عن طريق إرسال فتات من الغذاء والدواء وإعلان أيام لجمع تبرعات فتحضى هذه الحكومات ببعض الشعبية على حساب دماء المسلمين ، ولو أن بعض هذه الحكومات أوقفت سرقة أموال دولها ليوم واحد لتبدّل الحال في سوريا ، بل وفي جميع الدول الإسلامية ..
ومنها : إنهاك القوّة الرافضية في سوريا والعراق ولبنان وإيران ، وإشغال إيران عن أطماعها في الدول العربية ، وخاصة الخليجية ، فإطالة الحرب في سوريا : استنزاف لإيران ، وراحة لهذه الدول ..
ومنها أن الأوامر الغربية لم تأت بعد لهذه الدول للتّدخّل مباشرة في الشأن السوري ، فلا بد لهذه الدول من أخذ الإذن من أمريكا التي لم تسمح لها إلا بجمع بعض التبرعات من شعوبها لإسكات هذه الشعوب ، وإلا فإن بعض هذه الدول تستطيع دعم السوريين بالمال وإنهاء الحرب في أيام معدودة ، وهذا لا شك يصب في صالح الدول العربية ..
لا ننسى أن جميع خيوط هذا المكر والكيد بالسوريين هي في يد يهود الذين يتحكّمون في السّياسة الخارجية لأمريكا ، فلولا دولة يهود في فلسطين لما تحرّج الغرب ولما ترددت أمريكا من السماح للدول العربية بمساعدة السوريين ، ولكن لأن اليهود يخشون عواقب انتصار الثورة السورية : فإن على الدول الإسلامية التزام حدودها والإكتفاء بالتصريحات “النّاريّة” و”الجريئة” و”الشجاعة” و”العروبية” و”القومية” بل وحتى “الإسلامية” ، أما النصيرية : فعليهم قتل المسلمين من أجل سلامة يهود في فلسطين ..
لقد أعمل اليهود والنصارى مكرهم في أفغانستان والعراق والصومال ، فانقلب مكرهم على رأسهم ، وهم الآن يمكرون في سوريا ، ونحن نرى بأن الله تعالى يمكر لأهلنا في الشام ولأمة الإسلام ، وذلك أن في إطالة الحرب في سوريا تقوية للوازع الديني عند السوريين ، فأهل الشام اليوم من أكثر الناس توكلاً على الله بعد أن خذلهم أهل الأرض جميعاً ، فلا تجد الشامي ينظر شرقاً ولا غرباً أو شمالاً أو جنوباً ، وإنما يغلق عينيه عن الأرض وينظر بقلبه إلى السماء يطلب المدد من هناك ..
إن من أعظم أسباب النصر والظفر والقوة والتمكين : التوكّل على الله حق التوكّل ، وكلما بقيت هذه الحرب ، ورأى أهل سوريا تخاذل العالم عن نصرتهم : تعلّقت قلوبهم بخالقهم ، وازدادوا يقيناً بمعيّته ، فكان في هذا رجوع لأهل الشام إلى فطرتهم الإيمانية ، وهذه – إن شاء الله – بوادر وبشائر خير للأمة الإسلامية التي طال انتظارها لجند الشام ومدد الإسلام ..
لقد أمرنا الله تعالى أن لا نتّكل على حساباتنا البشرية وعلى عقولنا القاصرة ، وأن نتوكّل عليه ونأتمر بأمره ، فنحن مهما بلغنا من دهاء ، ومهما أوتينا من ذكاء فإننا لا نعلم إلا القليل ، ولا نملك من أمورنا إلا ما يقدّره الله لنا ، وانظروا إلى هذه الآية الجليلة المعبّرة عن الواقع الشامي وكأنها نزلت فيه { كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} (البقرة : 216) ، قال الناس “سلميّة سلميّة” والله تعالى قال {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} فهو أمر حتميّ لا بد منه ، فلما قاتل الناس : كره بعضهم القتال لما فيه من قتل وتدمير ، فأقرّ القرآن هذه الحقيقة البشرية {وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} ولكنّه لم يسلّم بها ، بل قال تعالى {وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ} فالإنسان يحب الأمن والأمان ولو في ظل حكم جائر ، ولكن القرآن أشار إلى أنه ليس كل أمْن يتوهّمه الناس محمود ، فقال تعالى {وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ} ، ثم بيّن القرآن الكريم حقيقة خالدة تغيب عن بعض العقول ، فكانت الكلمات التي سبقتها خير مقدمة لتحقيق هذه العقيدة في القلوب {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} ، فسبحان العليم الخبير الحكيم الذي نعترف له بجهلنا وقلة إدراكنا ، والذي نسأله – سبحانه – أن يختار لنا ، وأن لا يكلنا لأنفسنا طرفة عين ..
إن البشائر المتتالية من الشام تُنذر بظهور جيل جديد من الشباب المسلم الذي خلع ثوب الذلّة والمهانة والهوى والشبهات ، والتحف بفضل الله تعالى : ثوب العزة والكرامة والتقوى والجهاد ، والناس لا يُدركون معنى أن يكون في الشام أهل جهاد يحملون السلاح يقاتلون في سبيل الله لا يخشون غيره ولا يرجون سواه ..
لعل أكثر من يدرك معنى هذه النازلة اليوم هم اليهود الذين ترتعد فرائصهم خوفاً من يقضة هذا المارد العملاق الذي بشّر به رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فاليهود يعلمون يقيناً بأننا سنقاتلهم : نحن شرقيّ نهر الأردن وهم غربيّه ، ويعلمون يقيناً بأن الشجر والحجر سينطقان إلا “الغرقد” فإنه من شجرهم ، ولذلك يُكثرون من زراعة هذه الشجرة الخبيثة في فلسطين جهلاً منهم وغباءً وظناً بأنها منجيتهم من مصيرهم المحتوم ..
لا تغرنّكم تصريحات نتنياهوا ولا باراك ولا من عداهما من إخوان القردة بأنهم سيتدخّلون في الشام ، فاليهود أجبن وأحقر من أن يفكّروا بمقارعة جند الشام ، وقد بدت هذه التصريحات كولولة ربات الخدور ، وهي ذاتها التي سمعناها لمّا قوي صلب الجهاد في أفغانستان في الحرب الأولى ، حيث بدأ اليهود يصرخون في المؤتمرات الأممية وعواصم الدول الغربية : “شباب أمة محمد حملوا السلاح” ، “ماذا فعلتم ، لقد أيقظتم المارد” !! كذا كانت صرخاتهم ، وهي ذاتها التي نسمعها اليوم ، ولكن : بثوب جديد ..
وقبل الختام ، لا بد من توجيه كلمة – لكل من يحمل السلاح في سوريا – بخصوص ما ظهر من خلاف بين “المجلس الوطني” و”المجلس الداخلي” و”قيادة الجيش الحر” وما تناقلوه من إرادة تشكيل حكومة انتقالية وما شابه ذلك : الأصل أن يكون كل هذا تحت أقدام الثوار ، وينبغي على الثوار أن يُعلنوا إعلاناً صغيراً معبراً يفهمه كل من يقرأه ، وتكون صيغته كالتالي :
“من أراد أن يشارك في الحكومة المستقبليّة فعليه أن يأتينا بسيرته الذاتية مكتوبة على أوراق الأحداث الحاليّة بمداد الدم ، علماً بأنه تُقبل الأوراق بمراكز الثورة المتنقلة في حمص وحماة وحلب ودمشق في أوقات القصف فقط” ..
هذا الإعلان كفيل بإقصاء كل من أتقن فن التسلّق على الأحداث ..
لا يصلح أن يلي أمر المسلمين في الشام من يجلس على أريكته في باريس أو يسهر في حانات لندن ثم يُصفّق ويهلل للثوار من بعيد .. من أراد أن يفترش الحرير بعد التحرير فعليه الآن النفير ، وإلا فليبق في بيته الفرنسي أو شقّته البريطانية ويكتفي بمشاهدة الأحداث عبر الشاشات التلفزيونية .. من لا يصنع الأحداث اليوم ، لا يملك تمثيلها في المستقبل .. أما المنشقّون : فالسّابقون السّابقون ، قدّموا من تقدّم ، وأخّروا من تأخّر ..
والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ..
كتبه
حسين بن محمود
15 رمضان 1433هـ