بسم الله الرحمن الرحیم
الحمد لله ربّ العلمين، والصلوة والسّلام علی سیّد الكونین أشرف الأنبیاء وقائد المجاهدین، نبیّنا محمد المصطفی صلّی الله علیه وسلّم، وعلی آله وصحبه أجمعین.
أمّا بعد فأعوذ بالله من الشیطان الرجیم : ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ (36) الأنفال). وقال الله تعالی : وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ) [6] الصف(صدق الله العظیم)
أهنئ الشعب الأفغاني المسلم، والمجاهدین الأبطال في مقاومة المعتدین، وذويّ الشهداء، والمعاقین، والحجاج الكرام، وجمیع المسلمین في كلّ أرجاء المعمورة بحلول یوم الإیثار والتضحیة والفرح یوم العید الأضحی المبارك، وأسأل الله تعالی أن یجعل هذه الأیام أیام الفرح والاطمئنان والرفعة للأمة الإسلامیة جمعاء .
وأخصّ بالتهنئة شعبنا الغیّور، والمجاهدین الأشاوس بالانتصارات العسكریة العظیمة للمجاهدین في هذه السنة، وأسأل الله تعالی أن یرزقنا جمیعا الاستقامة، كما أسأله تعالی أن یخلّص شعبنا المظلوم من شرّ هذا الاعتداء الجائر علیهم، وهاهي لحظات الانتصار قد اقتربت أكثر من أيِ وقت آخر إن شاء الله تعالی.
إخواني المجاهدین! إنكم تشهدون الواقع بأمّ أعینكم أنّ صفوف الجهاد تكتسب قوّة من یوم إلی آخر، ویتسع تكاتف شعبنا الشهم مع المجاهدین وتضحیته إلی جانبهم، وتتمّ الهجمات الكبیرة بالأسالیب الجهادیة المُبتَكرَة علی قواعد العدوّ الكبیرة، والعدوّ بدأ ینسحب من قواعده ومراكزه العسكریة خوفاً من المجاهدین، وكذلك تتمّ الهجمات القاصمة والخطیرة علی العدوّ المحتلّ الماكر من قبل الجنود المسلمین الفدائیین من داخل صفوف الإدارة التي أقامها المحتلّون. وإلی جانب ذلك كله تنضمّ أعداد كبیرة ممن كانوا قد انخدعوا من صفوف العدوّ بإلامارة الإسلامیة نتیجة جهود لجنة الدعوة والإرشاد، والتحوّلات السریعة المماثلة الأخری كلها من المكتسبات التي یجب علینا جمیعا أن نشكر الله تعالی علیها.
ولكي یرافقنا مزید من التوفیق في تحقیق أهدافنا یجب علینا جمیعاً أن نسأل الله تعالی التوفیق بمزید من التضرّع والإنكسار له، وأن نلتزم بالعهد والوفاء لآمالنا وأهدافنا الجهادیة، وألّا نغترّ بأنفسنا، وألّا یأخذنا التهاون فی تحقیق أهداف الجهاد ومتابعة مسیرتنا المحترمة. ولذلك یجب علینا أنّ نجعل رضا الله تعالی وطاعة الأمیر، ومراعاة اللوائح الجهادیة، والعمل لإقامة النظام الإسلامي وإسعاد الشعب الأفغانی الهدف من جهادنا، لأنّ شعبنا الذي نحن جزء منه قد قاسی المصائب والمعاناة منذ أكثر من ثلاثین عاماً، فمن حقه علینا أن نعطف علیه، وأن نعامله باللین وحُسن الُخلُق، وأن نوسّع له صدورنا، لأنّ تضحیات هذا الشعب العزیز وإیثاره وفدائیته أهّلتنا لمواصلة المعركة بشكل موفّق ضدّ أكبر قوّة عسكریة متكبّرة إلی أن واجهت الهزیمة فی جمیع المجالات.
إنّه یجب علینا أن نتألّم جمیعاً بألم هذا الشعب، وأن نغتمّ بغمّه، واعلموا أنّكم بنصر الله تعالی ثمّ بالتعاون المتقابل من شعبكم تدكون عدوّكم، وتنتصرون علیه.
ویجب علی جمیع مسؤولي الإمارة الإسلامیة ومنسوبیها أن یزیدوا من إحكام أواصر الوحدة والمحبة فیما بینهم، وأن یتجنّبوا التفرّق والاختلاف، وأن یقوموا بتسییر الأمور الجهادیة في جوّ من التضامن والتشاور، وأن یُعدّوا الخطط الجیدة لدك العدوّ، وأن یطبّقوها بدّقة، وكذلك یجب علیهم أن یسعوا لتوفیرالتسهیلات الممكنة لعامّة أفراد الشعب، وأن یعملوا لحفظهم من ظلم المحتلّین وظلم ملیشیاتهم المحلّیة، وأن یتّخذوا جمیع التدابیر لمنع وقوع الخسائر في صفوف المدنیین، لأنّ العدوّ یسعی دومّاً أن یُلقي بلائمة خسائر المدنیین علی عاتق المجاهدین.
وكذلك علی المجاهدین أن یصعّدوا من جهودهم في اختراق صف العدوّ وتنظیم الفعّالیات فیه بدقّة وعلی نطاق واسع، وستظهرفي المسقبل لهذا التكتیك نتائج طیبة إن شاء الله تعالی.
وأوصي مسؤوليّ المجاهدین بالاهمتام بأمر تعلیم المجاهدین، وأن یعلمّوهم الأحكام الضروریة المرتبطة بالجهاد، وأن یهتمّوا كذلك بتربیة المجاهدین الخُلقیة والفكریة إلی جانب التربیة العسكریة، كما
أوصیهم بإدراك مسؤلیتهم تجاه الأیتام والمعاقین والأسری، ولیعلموا أن التصرّفات المخالفة للمصالح الدینیة، والأعمال العشوائیة الانفعالیة ربّما تكون لها نتائج سلبیة خطیرة.
وأوجّه في هذه المناسبة مرّة أخری الدعوة للأفغان الواقفین في صفوف الحكومة العملیة أن یتعاونوا مع المجاهدین بالإخلاص دفاعاً عن الإسلام وعن المصالح الوطنیة، واشتراكاً منهم في عملیة تحریر البلد من نیرالاحتلال.
إنّ القیام بالفعّالیات الجهادیة في داخل صفوف جنود العدوّ وملیشیاته هو من أعظم الأسالیب الجهادیة تأثیراً، وسیتّسع في المستقبل نطاق هذه الفعّالیات أكثر، وستكون أكثر تنظیماً وأخطر تأثیراً إن شاء الله تعالی.
وإنّني أهیب بكل أفغاني نبیل یمكنه أن یجد فرصة العمل الجهادي داخل صفوف القوّات المحتلّة والقوّات العمیلة أن یستغلّ هذه الفرصة، وأن یدك أعداء الدین والوطن في داخل معاقلهم، وأن یستغلّ جمیع الطرق والأسالیب والفرص المتاحة في توجیه الضربة إلی العدوّ، لأنّ الجهاد فرض علی الجمیع، والعمل لتحریر البلد واستعادة الإستقلال مسؤلیة دینیة ووجدانیة لكل فرد في هذا الشعب، وعلی المجاهدین أن یعرّفوا أمثال هؤلاء الأبطال لمزید من التقدیر والإكرام والمكافأة إلی قیادة الإمارة الإسلامیة.
أمّا عن المصیر السیاسي لمستقبل هذا البلد فأقول للمرّة الأخری: بأنّنا لانفكر في حكر السلطة، ولا نتصور الحرب الأهلیة بعد رحیل المحتلین، بل سعینا الوحید هو أن یتعیّن المصیر السیاسي للبلد بید الأفغان أنفسهم بعیداً عن تدخّلات الدول العظمی في العالم، وبعیداً عن تدخّلات الدول المجاورة، وأن یكون هذا المصیر ذو صبغة إسلامیة وأفغانیة خالصة.
وبعد تحریر البلد سوف نتمتّع بنصرالله تعالی بذلك النظام الشرعي والوطني الذي سیسعی لإیجاد حكومة تخلو من جمیع أنواع العنصریة والعصبیة، وستوسد الأمور إلی أهلها، وستحافظ علی وحدة أرض الوطن، كما ستوفّر الأمن، وستنفذّ الشریعة، وستضمن إحقاق حقوق جمیع أفراد البلد رجالاً ونساءً، وستعمل لإعمار البنیة التحتیة لاقتصاد البلد، وكذلك ستقوم بتقویة المؤسسات الاجتماعیة في البلد، وستقوم بتوفیر التسهیلات التعلیمیة لجمیع الشعب في ضوءالأصول الإسلامیة والمصالح الوطنیة، وستعمل تلك الحكومة لتسییرالشؤون العلمیة والثقافیة في اتّجاه صحیح، وبمساعدة شعبها الأبيّ سوف تقف سداً منیعاً في طریق تحقیق الأهداف المشؤومة لمن یفكرون في إشعال الحرب الأهلیة وتقسیم البلد.
ولا ینبغي أن یُظَنّ بأن الشعب الأفغاني شعب مغفّل، وأنّه سیقطع الوشائج العقدیة والثقافیة، والاجتماعیة، والتاریخیة القوّیة مع الأقوام الشقیقة، أو أنّه سیرضی بالتقسیم، إنّ الاتحاد السوفیتي أیضا كان أراد أن یجرّب وصفة تقسیم البلد، ولكنّ نتیجة جهوده كانت معكوسة، وقد انطبقت علیه .
إنّنا سنحافظ علی العلاقات الحسنة مع كلّ جهة تحترم أفغانستان كدولة إسلامیة ذات سیادة مستقلّة، ولا تكون علاقاتها ومناسباتها بأفغانستان ذات الصبغة السلطویة الاستعماریة. وأری أنّ هذه هي مطالبة وأمل كلّ أفغاني حرّ مسلم.
وحول المفاهمة مع القوات الخارجیة فأقول : بأننا سنستمرّ في الكفاح السیاسي إلی جانب عملنا العسكري لتحقیق أهدافنا وأمالنا الإسلامیة والوطنیة، وقد عیّنّا جهة خاصّة في إطار مكتب سیاسي لمتابعة المسیرة السیاسیة، والمكتب السیاسي یتعامل مع الأجانب وفق مصالحنا الإسلامیة والجهادیة.
ویجب أن أصرّح بأنّه لا توجد لدینا أیّة قناة أخری للمفاهمة مع الجهة المقابلة سوی مكتبنا السیاسيّ، لأننا لا نتعامل في هذه المضمار بالسیاسات الخفیة، ولا نتحمّلها أیضا، بل سیاستنا للتفاهم مع المقابل قد وضعناها في ضوء قِیَمنا الدینیة والوطنیة، وقد أعلنّاها واضحة للجمیع. فإن كانت القنوات الاستخباراتیة والدبلوماسیة للدول المعتدیة تبحث لها عن وجوهٍ وقنوات مزوّرة لإجراء المحادثات معها، وإحداث الجَلَبَة الإعلامیة حولها، فإن هذا العمل لن یكسبها سوی ضیاع الوقت، ولن تخدع بها إلاّ نفسها وشعوبها .
وبما أنّ الحرّیة حق للجمیع، فإننا أیضا نأمل من العالم، والمجتمع الدولي، وبخاصّة من الدول الإسلامیة، والمؤتمر الإسلامي أن یقف الجمیع شعوراً بمسؤولیتهم إلی جانبنا في تحریر بلدنا الإسلامي وإنهاء الاحتلال فیه، وأن تقوم هذه الجهات بأداء مسؤلیتها الإنسانیة تجاه أسرانا الذین یقبعون مظلومین فی سجون (غوانتانامو) و(باغرام) والمعتقلات الأخری، وكذلك في سجون الدول المجاورة، ونطالب جمعیات حقوق الإنسان أن تُحسّ مسؤولیتها تجاه الحقوق الإنسانیة للمساجین المظلومین الذین یُعَذّبون أثنا التحقیقات معهم خلافاً لجمیع القوانین، وتُنزع منهم الإعترافات نتیجة الضغوط والتعذیب، ویُحرمون من جمیع الحقوق الانسانیة الأوّلیة، حتی أن بعضهم قد قُتلوا أثناء التحقیقات، كما أصیبت أعداد منهم بالإعاقة.
وإنني استنكر الفلم المسیئ لرسول الله صلی الله علیه وسلم وأقول: بأنّ أعداء الإسلام كانوا قد قاموا بكلّ ما یُسيء إلی صورة الإسلام، وهاهم أخیراً قاموا بالتصرّفات المسیئة إلی ذات رسول الله صلی الله علیه وسلم، وقد فعلوا في شأن أشرف الأنبیاء صلی الله علیه وسلم ما لا یتحمّله الوجدان السلیم حول شخص عاديّ أیضا.
إنّ الغرب یعتبر الإساءة إلی رسول الله صلی الله علیه وسلم، وإحراق نسخ القرآن الكریم تعبیراً عن حرّیة الفكر والبیان، ولكنّه في نفس الوقت یتّهم بالإرهاب ویسجن ویعذّب كلّ من یقرأ آیات الجهاد من كتاب الله تعالی أو یفسّرها للناس، أو یطالب بحقوقه وحرّیّته.
إنّ الإشاعة الباطلة في دنیا الأفلام الغربیة، والروح العصبیة، والتصرفات الدالة علی ضیق النظر لدی الغرب لن یجلب علی الغرب إلاّ الخزي والعار. یقول تعالی: (يُريدونَ لِيُطفِئوا نورَ اللهِ بِاَفواهِهِم واللهُ مُتِمُّ نورِه وَلوكَرِهَ الكافِرون)(۸) الصف).
فیجب علی المسلمین ألاّ یكتفوا تجاه هذه الجریمة بالاحتجاج بالقول فقط، بل علیهم أن یتمسّكوا بدینهم، وأن یطبّقو السنن النبویة -علی صاحبها أفضل الصلاة والسلام- في العمل، وأن یتّحدوا في مابینهم، وأن یقوموا بالجهاد العملي ضدّ الإحتلال والمحتلین: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا )(۲۱)الاحزاب .
إننا الآن لم نهجم علی أحد، ولم نعتد علی أرض أحد، ولكنّنا سنستمرّ في جهادنا ضدّ المحتلین الذین اعتدوا علی أرضنا إلی أن ینتهي الاحتلال بشكل كامل، وإننا كنّا قد قلنا للعدوّ قبل إحدی عشر سنة بأنّ مجیئهم إلی أفغانستان سیكون سهلاً، ولكنّ بقاءه علی هذه الأرض، وخروجه منها سوف یكون مصحوباً بكثیر من المشاكل. وهاهو وضع العدوّ الیوم كما كنّا قد توقّعناه آنذاك.
إنّنا الیوم نتمتّع بالكفاءة اللازمة والنَفَس الطویل لمواصلة الجهاد للزمن الطویل، ونتمتّع بالاعتماد القويّ علی الله تعالی، ونملك القوّة البشریة الكافیة لمواصلة المسیرة، وإنّ جمیع هذه الإمكانیات لم نستسلفها من أحدٍ، ولم یتبرّع بها علینا أحد، بل هي من فضل الله تعالی علینا، وسنبطل بإذن الله تعالی بجهودنا وبتدابیرنا جمیع مخططات العدوّ، وإنّ مسیرتنا الجهادیة بفضل الله تعالی ثمّ بالمناصرة الإسلامیة العالمیة، والتضامن الشعبي، والحصول علی الوسائل المناسبة، قد وصلت إلی المرحلة التي تؤهّلنا لإلحاق الهزیمة المنكرة والمحیّرة بالعدوّ في المجال العسكري أیضا إن شاء الله تعالی.
وفي الأخیر أرجو من جمیع أهل الخیر الموسرین والإدارات الخیریة، أن یشفقوا في أیام العید المباركة علی أُسَر المجاهدین والمساكین وعلی الأخصّ علی أولاد الشهداء والمحبوسین مثلما یشفقون علی أولادهم، وأن یوصلوا إلیهم مساعداتهم مباشرة، أو عن طریق لجنة الأمور الاقتصادیة بالإمارة الإسلامیة لیشركوهم معهم في فرحة العید.
وأسأل الله تعالی في هذه الأیام المیمونة أن یأجر الشعب الأفغاني المؤمن المجاهد الذي وقف بكل الحبّ والرجولة معاوناً ومسانداً للمجاهدین في الجهاد ضدّ التحالف الكفري العالمي بقیادة أمریكا لأكثر من عشر سنوات، وبفضل الله تعالی ثم بفضل هذه المساندة وصل جهادنا إلی مشارف النصر إن شاء الله تعالی، كما أسأل الله تعالی أنّ یمن بجمیل الصبر والاستقامة والأجر العظیم علی الأُسَر التي استشهد أبناؤها وأقاربها في الجهاد في سبیل الله تعالی، أو استشهدوا، أوجُرحوا، في قصف العدوّ ومداهمته لمنازلهم، أو وقعوا أسری في ید العدوّ، أو تحمّلوا خسائر مالیة، و أرجو الله تعالی آن یُحقّق آمال شعبنا، وأن یرفع رایة الإسلام خفّاقة في هذا البلد. آمین یارب العلمین.
والسلام علیكم ورحمة الله وبركاته
خادم الاسلام
الملّا محمد عمر (مجاهد)
۷/۱۱/۱۴۳۳ هــق
۲۳/۱۰/۲۰۱۲ م
Alemarahnews
(arrahmah.com/سيراج)