بسمِ اللهِ، والحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وآلهِ وصحبِهِ ومن والاهُ،
أيها الإخوةُ المسلمونَ في كلِ مكانٍ السلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُهُ
وبعدُ،
لا زالت سوريا الجريحةُ تنزفُ يومًا بعد يومٍ، والجزارُ بنُ الجزارِ بشارُ بنُ حافظٍ لا يرتدعُ ولا يرعوي، ولكن مقاومةَ أهلِنا في سوريا رغم كلِ الآلامِ والتضحياتِ والدماءِ تتصاعدُ وتتنامى.
لقد هب الشعبُ السوريُ المجاهدُ الباسلُ، ولن يقبلَ بأقلَ من النصرِ على الجزارين المجرمين، ليقيمَ في شامِ الرباطِ والجهادِ – بإذنِ اللهِ وقوتِه- دولةً تحمي حمى الإسلامِ، وتحفظُ حوزةَ الأمةِ، وتذودُ عن حرمةِ الملةِ.
ومع ازديادِ إجرامِ النظامِ البعثيِ العلمانيِ الطائفيِ يزدادُ أهلُنا الأبطالُ الأشاوسُ المجاهدون كلَ يومٍ ثباتًا وصبرًا وصمودًا واستبسالًا، ويخوضون معركةَ العزةِ والكرامةِ ضد النظامِ العلمانيِ االطائفيِ، ويستمرُ عطاؤهم بحرًا من العطاءِ لا ينضبُ، وسيلًا من البذلِ لا يتوقفُ، وبركانًا من الحميةِ لا يهدأُ.
فيا أهلَنا في سوريا. لا تعتمدوا على الغربِ ولا أمريكا ولا على حكوماتِ العربِ وتركيا، فأنتم أعلمُ بما يدبرون لكم، يا أهلَنا في سوريا لا تعتمدوا على الجامعةِ العربيةِ وحكوماتِها التابعةِ الفاسدةٍ، فإن فاقدَ الشيءِ لا يعطيه.
لا تعتمدوا على الغربِ وتركيا الذين تعاملوا وتفاهموا وتشاركوا مع هذا النظامِ لعقودٍ، ولكنهم بدأُوا في التخلي عنه لما رأَوه يترنحُ، ولكن اعتمدوا على اللهِ وحده، ثم على تضحياتِكم وصمودِكم وثباتِكم.
إن كلَ هؤلاء لا يريدون سوريا مسلمةً حرةً مستقلةً قويةً مجاهدةً ضد إسرائيلَ، ولكنهم يريدون سوريا تابعةً مستضعَفةً منفصلةً عن دينِها وتراثِها وتاريخِها وأمجادِها، يريدون سوريا تعترفُ بإسرائيلَ، وتتماشى مع وتخضعُ للظلمِ العالميِ، الذي يسمونه بالشرعيةِ الدوليةِ.
يا أهلَنا في سوريا لا تهِنوا ولا تحزنوا، وأبشروا، فإن النظامَ الفاسدَ المتعفنَ قد بدأ في الترنحِ، وبلغ به الإنهاكُ مبلغَه، فواصلوا انتفاضتَكم وغضبتَكم، ولا تقبلوا إلا بحكومةٍ شريفةٍ مستقلةٍ تحكمُ بالإسلامِ، وتطهرُ البلادَ من الفسادِ، وتتصدى لأعداءِ الأمةِ.
وإني أناشدُ كلَ مسلمٍ وكلَ شريفٍ حرٍ في تركيا والعراقِ والأردنِ ولبنانَ أن يهبَ لنصرةِ إخوانِه في سوريا بكلِ ما يملكُ؛ بنفسِه ومالِه وقولِه ورأيِه ومعلوماتِه. إن هذا النظامَ الطائفيَ العميلَ خطرٌ على الأمةِ المسلمةِ كلِها، إنه النظامُ الذي حارب الإسلامَ والمسلمين لعقودٍ في داخلِ سوريا وخارجِها ، والذي اعتدى على حرماتِ المسلمين وأنفسِهم وأموالِهم وأعراضِهم وكرامتِهم، والذي يحتفظُ في سجونِه بزهرةِ شبابِ الأمةِ، ويعذبُهم ويقتلُهم، والذي يحمي حدودَ إسرائيلَ قرابةِ أربعين عامًا، والذي شارك أمريكا في حربِها على الإسلامِ باسمِ الإرهابِ، والذي سفك دماءَ المسلمين في مجازرَ بشعةٍ في حماةَ وحمصَ وجسرِ الشغورِ ودرعا لعقودٍ متتاليةٍ، والذي يضمُ مجموعةً من اللصوصِ السراقِ، الذين ينهبون ثرواتِ سوريا وخيراتِها بالحديدِ والنارِ.
هذا هو النظامُ الشريرُ، الذي تواجهُه الأمةُ المسلمة داخلَ سوريا وخارجَها، وهو نظامُ سرطانيٌ خبيث، يخنُقُ الأحرارَ في سوريا، ويطاردُهم خارجَها، ولا علاجَ معه إلا الاستئصال، ومن حقِ أهلِنا في سوريا، ومن حقِ الأمةِ كلِها، أن تستخدمَ ما تراهُ من وسائلَ لاستئصالِه، فهي تخوضُ معركةَ العدالةِ ضد الظلمِ، ومعركةَ الحريةِ ضد القهرِ، ومعركةَ الاستقلالِ ضد التبعيةِ، ومعركةَ الطهرِ ضد الفسادِ، ومعركةَ الإسلامِ ضد أعدائِه.
إذا أردنا الحريةَ فيجبُ أن نتحررَ من هذا النظامَ، وإذا أردنا العدالةَ فيجبُ أن نقتصَ من هذا النظامِ، وإذا أردنا الاستقلالَ فيجبُ أن نقفَ في وجهِ هذا النظامِ، وإذا أردنا تحريرَ بيتِ المقدسِ فيجبُ أن نُزيحَ هذا النظام.
يا أسودَ الشامِ ليس أمامَكم إلا أن تتقدموا إلى النصرِ، وأن تدفعوا ثمنَه، وألا تترددوا وألا تهَنوا ولا تضعُفوا، تذكروا قولَ الحقِ تبارك وتعالى: ﴿وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ {139} إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ {140} وَلِيُمَحِّصَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ {141} أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ﴾.
يا أسودَ الشامِ استحضروا نيةَ الجهادِ في سبيلِ اللهِ لنصرةِ الإسلامِ والمستضعفين والمعذبين والأسرى، وللأخذِ بثأرِ شهداءِ المسلمين. استحضروا نيةَ الجهادِ في سبيلِ اللهِ لإقامةِ دولةٍ تدافعُ عن ديارِ المسلمين، وتسعى لتحريرِ الجولانِ، وتواصلُ جهادَها حتى ترفعَ راياتِ النصرِ فوق ربى القدسِ السليبةِ إن شاءَ اللهُ.
يا أسودَ الشامِ لا تنسَوا تاريخَكم ودورَكم في دحرِ العدوانِ عن أمتِكم، تذكروا بطولاتِ أسلافكم في الدفاعِ عن حياضِ الإسلامِ وحرماتِ المسلمين، يا أسودَ العربِ ويا ليوثَ الأكرادِ ويا أبطالَ الشركسِ ويا صناديدَ التركمانِ توحدوا تحت رايةِ لا إلهَ إلا اللهُ، التي قادكم بها صلاحُ الدينِ إلى النصرِ والفتحِ وتحريرِ بيتِ المقدسِ، فلن تنتصروا إلا تحتَها، وتذكروا أن تحريرَ صلاحِ الدينِ للقدسِ بدأ بتحريرِ نورِ الدينِ زنكي لدمشقَ ثم تحريرِ صلاحِ الدينِ للقاهرةِ.
فاستحضروا نيةَ تحريرِ بيتِ المقدسِ وديارِ المسلمين المحتلةِ بانتفاضتِكم العزيزةِ الأبيةِ، فإن صدقتم مع اللهِ صدقَكم اللهُ، وباركَ في تضحياتِكم، وكان لها ما بعدها من الفتوحاتِ والانتصاراتِ بإذنِ اللهِ.
واعلموا أننا أمةٌ واحدةٌ، نخوضُ معركةً واحدةً ضد تحالفِ المحتلين والمستكبرين والظلمةِ الغاشمين.
فلا تكونوا عبيدًا لسايكس بيكو، وكونوا عبيدًا لله، الذي قال في كتابِه: ﴿وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللّهِ﴾، والذي أنزل في محكمِ آياتِه: ﴿إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾. يا أسودَ الشامِ تقدموا للموتِ توهبْ لكم الحياةُ.
تأخرتُ أستبقي الحياةَ فلم أجدْ لنفسي حياةً مثلَ أن أتقدما
فيا أسودَ الشامِ إلى الأمامِ، واللهُ معكم واللهُ ينصرُكم، وكفى باللهِ وليًا وكفى باللهِ نصيرًا.
وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ، وصلى اللهُ على سيدِنا محمدٍ وآلِهِ وصحبِهِ وسلمَ. والسلامُ عليكم ورحمةُ اللهِ وبركاتُه.