الشيخ المحيسني: بيان هام بخصوص جبهة فتح الشام .. وصيحة نذير لأهل الشام
(شبكة الرحمة الإسلامية)
– بسم الله الرحمن الرحيم
مُؤسَّسَة التَّحَايَا
قِسْمُ التَّفْرِيغِ وَالنَّشْرِ
تفريغ
“بيان هام بخصوص جبهة فتح الشام .. وصيحة نذير لأهل الشام”
للشيخ/ د. عبد الله المحيسني
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد؛
حياكم الله أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها، وحياكم الله أيها المجاهدون في سبيل الله في بلاد الشام.
حدث الساحة اليوم الذي يتحدث الجميع عنه هو إعلان إخواننا في “جبهة النصرة” عن فكّ ارتباطهم بــ “تنظيم القاعدة”، وإعلانهم عن حلِّ “جبهة النصرة”، وعن تشكيل “جبهة فتح الشام”.
ولي مع هذا الحدث الكبير عدة وقفات، وعدة رسائل أرسلها من هنا من أرض الشام، باعتباري رجل هاجر في سبيل الله يبغي نصرة دين الله، ويبغي نصرة المستضعفين من عباد الله.
وأودّ من كل مستمع يستمعني من جميع الأطراف (الموافق والمخالف) أن يستمع بقلبٍ مفتوح، بقلب صادق إلى قلب صادق، يريد مصلحة هؤلاء المستضعفين، ويغار على دين الله، ويغار على من في السجون، وعلى المعتقلين، وعلى المحاصرين.
الرسالة الأولى:
إخواني، الوقفة الأولى هي إلى أخي الشيخ الحبيب المبارك أبي محمد الجولاني -حفظه الله وبارك فيه ووفقّه-. أقول:
سدّد الله رأيك، ونضّر الله وجهك، إن ما قمت به هو محض تقديم مصلحة الأمة على مصلحة الفصيل. فها أنت بعد أن كنت أميرًا لتنظيم “القاعدة” في بلاد الشام أبيت إلى أن تتنازل عن ذلك لتكون أمير “جبهة فتح الشام” في بلاد الشام، وذلك لن ينقص قدرك عند الله -سبحانه وتعالى-.
وسيحفظ لك أهل الشام والمستضعفون وسيحفظ لك الناس هذا التنازل لله -سبحانه وتعالى- والتواضع، وسيُكتب في تاريخك وتاريخ إخواننا في “قيادة القاعدة” جزاكم الله خيرًا على هذا القرار الذي اتخذتموه، ونسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يُحفظ لكم وأن يكون في ميزان حسناتكم يوم القيامة. وأن يُتبع هذا بعامٍ وبيومٍ نجتمع فيه على أمير واحد يقود هذه الثورة وهذا الجهاد.
الرسالة الثانية:
الرسالة الثانية إليكم أنتم يا أبطال “جبهة فتح الشام”، لقد عرفت بلاد الشام، وعرفت أرض سوريّا أنكم أسود الحرب، ورجال اللقاء، وصناديد المعارك؛ فالله الله كونوا كما كنتم، أصحاب قضية، وأصحاب عقيدة، وأصحاب قتال. لا تُغيِّرنّكم الأسماء، ولا الألقاب، التحموا بأمتكم، واسعوا إلى جمع كلمتها، ولينوا بأيد إخوانكم.
الرسالة الثالثة:
الرسالة الثالثة والأهم إليكم أنتم يا قادة الفصائل، أنتم يا من ولَّاكم الله -سبحانه وتعالى- أمر بلاد الشام، أنتم يا من سالت تحت رايتكم وتحت إمرتكم آلاف الدماء الصادقة الزكيّة من جميع الفصائل بلا استثناء، إليكم أنتم أيها الرجال الأشاوس، ستُسألون أمام الله عن هذه الإمرة، وستُسألون أمام الله عن بلاد الشام، وستُسألون أمام الله عن آلاف أولئك الذين خرجوا بحناجر صادقة: (ما لنا غيرك يا الله!).
يا قادة الفصائل من الجيش الحر، والإسلامية، وغيرها جميعًا، اسمعوا إلى هذه الكلمات:
والله لقد عانى أهل الشام معاناةً شديدة من تفرّقكم، ووالله لو سُئل أهل الشام أول مطلب تطلبونه لقالوا: أن تتَّحد كلمتكم، وأن يجتمع صفّكم!.
إن كنتم صادقين يا قادة الفصائل، أنكم تريدون نصرة المستضعفين، فاستجيبوا لصرخات الأيامى والثكالى والمستضعفين؛ فإنهم يصرخون جميعًا ليل نهار: اجتمعوا، توحّدوا.
والله إن الدقائق ثقيلة على أختنا في السجون، والله إنهنَّ ليعدُدن الليالي ليلة بعد ليلة، والنصيريون يدخلون الطعام عليهن من فتحات الأبواب.
والله إن الأيام على المحاصرين ثقيلة.
والله إن تفرّقكم يؤخّر النصر وأنتم تعلمون ذلك.
لدينا اليوم في الشام قرابة مائة ألف مقاتل يحمل السلاح، ولكن فعاليتنا هي فعالية ستة آلاف وسبعة آلاف مقاتل! تعلمون جميعًا أنه لو عندنا أمير عسكري واحد ينقل الجيش ويضرب هاهنا وهاهنا لما بقي بشّار معنا شهر!
فاتقوا الله! واعلموا أنكم مغادرون من هذه الدنيا.
أقول هذه الدعوة لكم جميعًا: أيها القادة، ها هم إخوانكم في “جبهة فتح الشام” أزالوا هذا العائق الذي طالما سعينا لجمع الكلمة، ووصلنا إلى اصطدام في وجهات النظر. أما وقد زال هذا العائق الذي قد احتججتم به طويلًا وإخوانكم كان لهم اجتهاد فيه، فها هم إخوانكم تقدّموا إليكم خطوة، فأروا الله من أنفسكم خيرًا.
إن الله يرى ما تصنعون، وإن عامة الشعب لصنيعكم ينظرون، وإن التاريخ يكتب ما تقولون وما تسطّرون!
يا قادة الفصائل، إننا ننتظر منكم الخطوة الأولى: أن تصدر بيانات مباركة لهذه الخطوة من جميع الفصائل، من إخواننا في أحرار الشام، وجيس الإسلام، والزنكي، وجيش المجاهدين، وغيرهم. أولًا لتقطعوا حجّة الغرب. والغرب لم يكونوا يقصفون “جبهة النصرة” لوحدها، تعلمون هذا، كانوا يقصفوننا جميعًا بلا استثناء بحجّة القاعدة.
أخرجوا البيانات تبارك الخطوة تقول لهؤلاء: أنتم أمام اختبار أخلاقي، إنكم كنتم تقولون: نقصف اسم “القاعدة” ولا يوجد اليوم قاعدة. أخرجوا هذه البيانات ليعلم منكم الشعب صدقكم، وليرى الناس -وقبل ذلك رب العالمين- صدقكم في اتجاه جمع الكلمة.
وإلا تخرج هذه الكلمات فسيكونَّن في قلوب الناس حصرة وغصّة أننا كنا ننتظر، فإذا بنا نُفاجأ بخمول، وبرود تجاه هذه الخطوة التي كنا نظن منها ونظن أنه سيقابلها اجتماع وحرص وشوق، بل حتى من جنودكم ومجاهديكم إذا لم تُخرجوا هذه الكلمة سيجدون في أنفسهم لوعةً ومرارة.
أيها القادة، والله إن مما حزّ في النفس كثيرًا أننا سمعنا تبريرات البعض: أن هذه الخطوة قد فات أوانها. سبحان الله! هل يعني أنه قد فات أوان جمع الكلمة ولم يبق أمامنا إلا الاقتتال؟! هل تقولون لجنودكم أننا لن نجتمع بعد اليوم؟!
أو نسمع كلمة أخرى وحجّة أخرى: أزيلوا الغلو. ومن الطرف الثاني يقول: أزيلوا الانبطاح. وطرف ثالث يقول: أزيلوا أزيلوا. ماذا نفعل؟! ماذا تريدوننا أن نفعل يا إخواني؟! هل تريدون أن نفتح العقول ونغيّر فيها؟! وأين الضابط؟! وإلى متى سيُقال هذا الكلام؟!
والله، إن من واقع التجربة أن كثيرًا من الغلو الـمُشاهَد أو حتى من التميّع المشاهد أو غير ذلك سببه روح الفصائلية المقيتة؛ فكثير من الجنود بمجرّد أن يغيّر فصيله يتغيّر كثير من قراراته، والسبب: أن الدافع كان هو روح الفصائلية!.
فلنجتمع إذًا على أمير واحد اليوم وقبل غد، ويقودنا أخيار طلاب العلم من أهل الشام، ليقودوا هذه المركبة، وهذه المسيرة، إلى برّ النصر، إلى برّ هلاك الطاغية، إلى برّ توقّف البراميل، إلى برّ فكّ الحصار، إلى برّ إخراج المعتقلين والمعتقلات بالآلاف من السجون.
فالله الله. واشهدوا أيتها الشعوب المسلمة، واشهدوا يا شعب الشام على موقف الفصائل بعد هذه الخطوة.
الرسالة الرابعة:
الرسالة الرابعة إليكم أنتم أيها الإعلاميون، ويا أيها المشايخ، جميعًا: الموافق للخطوة، والمخالف، والمعترض، وغير ذلك. أقول: أناشدكم الله والرَّحم، نناشدكم الله باسم الأشلاء، باسم الدماء، والله الذي لا إله غيره إن لم ننتهز هذه الفرصة فإنا نخشى ألا يعقبها إلا دماء تسيل وقتال وغير ذلك.
أعلم أن البعض يرى في نفسه الظلم، والبعض يرى أن الطرف الآخر جار عليه، والبعض والبعض، كثيرة هي الأعذار. ولكن ليست آلامنا بأشد من آلام الآلاف الذين في كل يوم مجازر تنزل على رؤوسهم ولا حول ولا قوة إلا بالله!
آن الأوان لنعضّ على آلامنا ونبلع همومنا ونفتح صفحة جديدة فيما بيننا، ونقترب من بعضنا عسى أن نصل إلى ذلك اليوم الذي يتمنّاه أهل الشام جميعًا، ويأمرنا به رب العالمين -سبحانه وتعالى-.
وإني أقول حسن ظن بربي -سبحانه وتعالى-: سيكون عامنا هذا هو عام الجماعة بإذن الله رب العالمين.
فيا أيها الإعلاميون، والقادة، والمشايخ، اجعلوها جمع كلمة إعلامية، لتعقبها جمع كلمة ميدانية بإذن الله رب العالمين.
وهذه بادرة أقولها للجميع: سنسعى مع جميع طلّاب العلم بالساحة لجمع الكلمة؛ من أراد أن يجتمع فليجتمع، ومن لم يرد فليقف أمام الشعب، وليقف أمام الناس، وبعد ذلك سيقف أمام الله ويقول: تهرّبت من ذلك.
سيرى الناس من يريد أن تجتمع الكلمة صدقًا من قلبه لينصر المستضعفين. وسيرى الناس من سيستخدم الثورة والدماء ليبقى على كرسيّه ومنصبه، ولا حول ولا قوة إلا بالله!
الرسالة الخامسة:
الرسالة الأخيرة إليكم أنتم أيتها الشعوب الأمريكية، والأوروبية، والروسية. إليكم يا من تزعمون وتقولون إنكم أصحاب القيم، والأخلاق، والمبادئ، والحضارات، وأنكم أنتم العالم المتقدّم!. إليكم جميعًا: ها هي دولكم اليوم تُبيد شعبًا بكامله، وتقصف وتهدم بيوتًا على أصحابها، وعلى أطفالها، تدمّر المدارس، وتقصف المشافي، وتبيد المطاعم، وتقتل حياة الناس، وتزعم أنها تقتلها بحجّة وجود إرهابيين بينهم، وبحجّة وجود القاعدة.
نقول لكم أيتها الشعوب الأمريكية، والأوروبية، والروسية: إنكم اليوم أمام اختبار أخلاقي واضح، أنتم اليوم أمام اختبار لتُكتب أسماؤكم ودولكم في تاريخ الحضارات، ليُكتب أنكم كنتم أشدّ دموية من هتلر والنازيين حينما قتّلوا وأبادوا.
إنكم تقتلون شعبًا أعزل، إن صواريخ دولكم، إن طائراتكم، إن بارجاتكم، إن حمم الموت لا تقع على الإرهابيين كما تزعمون.
إن أهل الشام اليوم يقولون لكم: لم يعد هنا قاعدة، يقول لكم أهل الشام: فنحن سننظر هل أنتم تقتلوننا باسم القاعدة أو ستقتلوننا لأننا أردنا أن نعيش كرامًا؟! أو تقتلوننا لأننا أردنا أن ننقلب على دكتاتور طاغية وقف أمامنا انتفضنا لا نريد حكمه، لا نريد جبره، لا نريد ظلمه؟ فوقفتم أنتم مع الطاغية!
إنكم اليوم أمام اختبار قيم، واختبار حقوق، واختبار حضارة. وستُكتب في التاريخ الحقيقة التي تحاول وسائل الإعلام ألا يصل صوتنا هذا إليكم، سيُكتب أنكم أبدتم شعبًا كاملًا لأنه أراد أن يعيش حرًا كريمًا.
والتاريخ يكتب ما تصنعون.
والتاريخ لا ينسى.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
للتحميل:
Doc
http://up.top4top.net/downloadf-212vyqj1-docx.html
PDF
http://up.top4top.net/downloadf-212wd0r2-pdf.html
المصدر:
https://web.archive.org/web/20160731165810/https://justpaste.it/wtu2