(شبكة الرحمة الإسلامية) –
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَٰنِ الرَّحِيمِ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ، المبعوث رحمة للعالمين ، محمد وعلى آله وصحبه أجمعين . أما بعد :
أهل الشام الأعزاء …
أنتم تعيشون وتقيمون في أرض المباركة ، أرض أنبت الله فيها نباتات أخلدها الله ذكرها في القرآن الكريم ، في سورة التين « وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ (1) وَطُورِ سِينِينَ (2) وَهَٰذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ (3) » [التين: ١ – ٣] .
التين والزيتون نبات تنبت في أرضكم المباركة حتى اليوم ، وربما ستكون إلى يوم القيامة . ولكن هذا البلد الأمين يفقد من بلادكم .
نحن الآن نتساءل ، لماذا يفقد الأمن ؟
وكيف نعيد الأمنَ في أرضكم المباركة ؟
ومن يقدر على إعادة الأمن كي تعيشوا تحت ظلال الأمن والرحمة لا تحت ظلال الخوف والزلزلة والضرر والفتنة والمصائب كما تدركون اليوم ؟
وهذا السؤال جواب عنه موجود في الآيات بعدهما : « ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ » [التين: ٥] بعدما ذكره الله سبحانه وتعالى بأن الله خلق الإنسان منذ آدم عليه الصلاة والسلام إلى يوم القيامة في أحسن تقويم . فما معنى أحسن تقويم في هذه الآية الكريمة ؟ هل معناه الأحسن في قامة الجسم أو الصورة أو في شيء آخر .
أحسن تقويم معناه أحسنُ في الخلق والسلوك واستعداد قبول الهداية من الله وجهودهم في تنفيذ وتطبيق دين الله كافة كما قال تعالى في القرآن الكريم :
« يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً … »
الآن يبقى سؤال ، لماذا يفقد منكم الأمن وأرضكم أرض مباركة ؟ ما الخطاء يقع بينكم حتى يتجنب الأمن منكم ويبقى منكم الصراع لا ينتهي والعداوة لا تقف والزلزلة والخوف والموت يحيطكم من كل جهة وفي أي وقت وأي مكان في أرضكم المباركة هذه . فنسأل الله أن ينقذكم من هذه الضرر والمصائب والفتنة والزلزلة في أقرب وقت ممكن .
ولكن ما الشروط التي يجب عليكم أن تستوفوها ؟
الشرط الأول : يجب عليكم أن تفضّلوا الجهاد في سبيل الله من متاع الحياة الدنيا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إِذَا تَبَايَعْتُمْ بِالْعِينَةِ وَأَخَذْتُمْ أَذْنَابَ الْبَقَرِ وَرَضِيتُمْ بِالزَّرْعِ وَتَرَكْتُمُ الْجِهَادَ سَلَّطَ اللهُ عَلَيْكُمْ ذُلاًّ لاَ يَنْزِعُهُ حَتَّى تَرْجِعُوا إِلَى دِينِكُمْ » . [رواه أحمد وأبو داود]
أيها الإخوان المسلمين الشاميين
أذكركم وأنبهكم بقول الله عز وجل الذي قد وعدنا كما في قوله :« يَقُولُونَ لَئِن رَّجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ ۚ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَٰكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ » [المنافقون: ٨]
إنما العزة حق لله ولرسوله وللمؤمنين .
ولكن الآن نتساءل لماذا لا تُظِلُّنا العزَّة … وبالعكس تُظِلُّنا الذِّلة والمسكنة ، ما الجواب عن هذا السؤال ؟ الجواب عنه مكتوب في قوله تعالى :« ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ » [آل عمران: ١١٢] نحن المسلمين اليوم قد انقطع الصلة بالله وبالقرآن وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأننا لا نبالي تنفيذ شرائع الله وتنظيم حياتنا الاجتماعية والسياسية على دين الله الحنيف . فما الذي نجني إذاً ؟
نحن اليوم نعيش تحت ظل المهانة والمسكنة والخوف والذلة وضيق العيش وفقدان الهيبة والسلطة حتى نحن الآن نخاف على أعدائنا حتى في تبليغ الرسالة المحمّدية صراحة وجهرة باللسان والكتابة ، فيتساءل عامّة المسلمين معالجة هذه المشاكل ولكن العلماء في العالم الإسلامي يسكتون . أكثرهم أحب إليهم أن يكونوا كأذيالالنظام أو الحكومة أو المملكة .
فسبب الثاني من الذلة والمسكنة اللتان تصيبان على المسلمين والتفرق والاختلاف في صف الجهاد ، والله سبحانه وتعالى قد أمرنا أن نتَّخذ قواتنا وسلطاننا في صف واحد . قال تعالى :« إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَّرْصُوصٌ » [الصف: ٤]
أيها الإخوة الشاميين رحمكم الله ، وجعلكم الله الفائزين في نيل نصر في جهادكم اليوم لمقاومة أعداء الله ورسوله والمؤمنين أجمعين .
الواجب علينا اليوم في أرضكم هذا تشكيلُ صفٍّ واحد كما قال تعالى في الآية المذكورة . كل منكم فضلاً على علماءكم أن أداء هذا الواجب في أقصر وقت ممكن كي تدركوا النصر من الله في جهادكم اليوم إن شاء الله .
ثالثاً– أمركم الله أن تنفقوا من بعض أموالكم في سبيل الجهاد لأننا لا يمكن أن نجاهد العدوّ بدون أموال .
نحن نحتاج إلى السلاح والطعام للجنود فمن أين نشتري السلاح ونعد الطعام للجنود إن كنتم لا تنفقون من بعض أموالكم . المسلمون الذين عندهم أموال ولكنهم يبخلون عن إنفاقها أدخلهم الله في زمرة الكفار ، كما قال تعالى : « يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ ۗ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ » [البقرة: ٢٥٤]
لماذا سماهم الله الكافرين ؟ يعني المؤمنين الذين يبخلون في إنفاق بعض أموالهم في مساعدة المجاهدين . أنتم أهل الشام أحقّ أن تؤدوا الأمر الذي مكتوب في هذه الآية من المسلمين في أماكن أخرى .
نحن ندعوكم يا أهل الشام أن تستبقوا إلى إنفاق أموالكم في تقوية الجهاد في أرضكم هذا ونحن المسلمين في بلادنا إن شاء الله أن نساعدكم على ما استطعنا ، وندعوا الله لكم أن يجعلكم الصابرين والمصابرين والمرابطين الومتقين كي تدركوا النصر والنجاح وأفلحتم في وقت قريب إن شاء الله .
أيها الشباب المسلمين الشاميين
أنتم لا تشتكوا بعدم العلماء بينكم ليرشدوكم ويصوّبوا خطواتكم ، لكم الحق للإجتهاد حينما كنتم منفردين كما فعل أصحاب الكهف الذين قصهم الله علينا في القرآن .
أصحاب الكهف كلهم شباب أو الفتى هم تقدموا إلى الأمام لمقاومة الشرك والكفر والظلم وإكراه الناس أن يعبدوا غير الله فليس لديهم العلماء ولا المفكرون ولا الأكادميون وهم اجتهدوا بأنفسهم وسألوا الله الهداية والتوفيق والثبات والاستقامة في تمسك عقيدة التوحيد ، فهداهم الله إلى الحق وهم اختاروا العزلة من الناس ومن متاع الدنيا ولجأوا إلى الكهف فحفظهم الله فأنقذهم برحمته ومعونته .
وأنتم أيها الشباب المسلمين الشاميين ، لكم أسوة حسنة في أصحاب الكهف نرجو منكم أن تكونوا أصحاب الكهف المعاصرين في أرضكم المباركة لأن الجهاد لا يقف بعدم العلماء وبالعكس لا يمنعكم عدم العلماء أن تستمروا جهادكم إلى يوم فتح الله لكم النصر إن شاء الله .
نختم خطبتنا هذه بالحمد لله رب العالمين .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
أرض الشام المباركة
29 رمضان 1435 هـ
(محمد بن عبد الله بن طالب)